الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمَآ أَمْرُنَآ إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِٱلْبَصَرِ }

قوله تعالى { وَمَآ أَمْرُنَآ إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِٱلْبَصَرِ } فى هذه الأية بيان ثلاث مراتب مرتبة سر علم القدر القديم الذى كان موصوفا به وذلك العمل وسر القدر مشية اذ عينهما واحد ومن بطنان آزال الازال سار سر القدر الى المرتبة الثانية وهى الامر وحقيقة الامر قبل ظهوره فى الفعل فبلغنا الى المرتبة الثالثة وهى الفعل فلما وصل القدر والامر الى الفعل ظهر المقدرات من العدم بها باقل لمحة اى سيران علم سر القدر من بطون ازل الازل الى عالم الامر والفعل اقل من لمحة على تقديركم اذا استحال الزمان فى مشية الرحمن لا يكون الا الارادة والعمل والامر وانها خارجة من علل الزمان هو ظهور القدم للعدم فاذا ظهر القدم للعدم صار المقدر مكونا كينونيته بالله فخرج على نعت صورة العلم والتقدير كانه مع التقدير من حيث العلم لا من حيث الوجود فامره علمه وعلمه ارادته فاذا اراد كون الكون باشر انوارها فى كينونية جميع المقدرات بنعت الوحدة لا بنعت التفرقة وذلك قوله وما امرنا الا واحدة اذا اراد ما علم من نفسه تجلى من الارادة للعلم ومن العلم للارادة ومن الارادة والعلم للتقدير والحكمة فصار ذلك عين التوحيد فاذا تجلاها بجميعها للامر يكون عين الجمع وعين الجمع محل الالتباس واهل الرسوم سموا ذلك الخلق والفعل وتسمى ذلك الاول ظهور القدم للقدم وهو عين العين ويسمى الثانى ظهور الصفة فى الفعل والامر وهو عين الجمع وقال الحسين الامر عين الجمع والارادة عين العلم ثم بين ان افعال العباد جرت على سابق تقديره ومشيته مسطورة فى الواح علمه وزبر تقديره وحذرهم بها حتى يرقبوا انفتاح مصادر اسراره ويروا لطائف انواره ويعرفوه بأياته وصفاته ويخافوا من قهره وجبروته.