الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ } * { ثُمَّ يُجْزَاهُ ٱلْجَزَآءَ ٱلأَوْفَىٰ } * { وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلْمُنتَهَىٰ }

قوله { وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ } اى سوف يعرف ان سعيه فى جلال عزته وما اختار له فى الازل من كشف جماله ليس بشئ لان الحادث لا وزن له عند القديم ثم زاد فضله بان يؤتيه فوق ما كان فى سعيه بقوله { ثُمَّ يُجْزَاهُ ٱلْجَزَآءَ ٱلأَوْفَىٰ } فلما خرج من هذه العلل وعن الاعمال والثواب والدرجات يتباهى الكل عند بروز انوار وجوده وجلاله بقوله { وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلْمُنتَهَىٰ } ثم وصف نفسه بانه اضحك وابكى بطلوع صبح جماله العاشقين وابكى بظهور شمس ذاته العارفين يبكون عليه منه لفقدان الكل لانهم يعرفونه بامتناعه عن ادراكهم وعن تقصيرهم ايضا فى طلب معرفتهم بربهم وقلة معرفتهم بوجود ربهم وذلك عند كشف المعائنة اضحك المستانسين بنرجس مودته وياسمين قربته وطيب شمال جماله وابكى المشتاقين بظهور عظمته وجلاله امات العارفين بنعت الفناء فى سطوات ديموميته وظهور صدمات انوار ذاته وأحيا العاشقين بكشف صفاته فالاولون فنوا فيه والاخرون بقوا به وايضا امات المريدين بالحجاب وأحيا المحبين بكشف النقاب قال ابن عطا فى قوله وان ليس للانسان الا ما سعى ليس له من سعيه الا ما نواه ان كان سعيه لرضى الرحمن فان الله يرزقه الرضوان وان كان سعيه الثواب والعطاء والاعواض فله ذلك وقال النصرأبادى سعى الانسان فى طريق السلوك لا فى طريق التحقق فاذا تحقق يسعى به ولا يسعى هو بنفسه وانشد
الطرق شتى وطرق الحق منفرد   والسالكون طريق الحق افراد
وقال الوراق وان ليس للانسان الا ما سعى ذلك فى بدايتهم وان سعيه سوف يرى فى توسط امورهم ثم يجزيه الأوفى ذلك فى نهايتهم وان الى ربك المنتهى وذلك عند فناء العبد من ارادته وصفاته وانه هو اضحك وأبكى النشوء الثانى وقال الواسطى فى قوله وان سعيه سوف يرى انه لم يكن مما يستجلب به شئ من الثواب وقال سهل سوف يرى سعيه فيعلم انه لا يصلح للحق ويعلم ما الذى يستحق بسعيه وانه لو لم يلحقه فضل ربه لهلك بسعيه وقال ابن عطا فى قوله وان الى ربك المنتهى اذا وصل العبد الى معرفة الربوبية ينحرف عنه كل فتنة ولا يكون له مشية غير اختيار الله قيل للحسين ما التوحيد قال ان تعتقد انه فعل الكل بقوله هو الاول عند ذلك بطلت المعلومات منه الابتداء واليه الانتهاء قال الله وان الى ربك المنتهى ذهبت المعلومات وبقى العلل وقال سهل أضحك المطيع بالرضا وابكى العاصى بالسخط وقيل اضحك قلوب العارفين بالحكمة وأبكى عيونهم بالحزن والحرقة قال ابن عطا اضحك قلوب اوليائه بانوار معرفته وأبكى قلوب اعدائه بظلمات سخطه وقال ابن عطا فى قوله وان الى ربك المنتهى من كان منه مبدأه كان إليه منتهاه ويقال أضحك الارض بالنبات وابكى السماء بالمطر وقال ابن عطا فى قوله امات واحيى امات بعدله واحيا بفضله وقال النصرآبادى يميت باستتارة ويحيى بالتجلى وقال جعفر مات بالاعراض عنه واحيا بالمعرفة وقال ايضا أمات النفوس بالمخالفة واحيا القلوب بانوار الموافقة وقال الاستاذ امات نفوس الزاهدين بالمجاهدة واحيا قلوب العارفين بالمشاهدة وقال امات بالهيبة واحيا بالانس.