الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱلذَّارِيَاتِ ذَرْواً } * { فَٱلْحَامِلاَتِ وِقْراً } * { فَٱلْجَارِيَاتِ يُسْراً } * { فَٱلْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً } * { إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ } * { وَإِنَّ ٱلدِّينَ لَوَٱقِعٌ } * { وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلْحُبُكِ }

{ وَٱلذَّارِيَاتِ ذَرْواً } اقسم الله سبحانه بعواصف تجلى عظمته وكواشف أنوار كبريائه التى تفرق اسرار العارفين فى هواء القدم والبقاء حتى لا يبقى من وجودها من صولة ظهور القيومية فى سماء الهوية اثر لغلبة القدم على الحدث وبشمال جماله الذى ياتى بنسيم الوصلة الى قلوب المحبين وينشق طيب نسائم الدنو ارواح الشائقين ومحمل انين العاشقين الى بساتين الملكوت ويطيبها بطيب الجبروت
وانى لاستهدى الرياح نسيمكم   اذا أقبلت من ارضكم بهبوب
واسألها حمل السّلام اليكم   فان هى يوما بلغت فأجيب
واقسم بسحائب ظلال عنايته القديمة التى تحمل وابل المعرفة من بحر الصفات فتمطر على ارض قلوب العارفين فينبت به ازهار المحبة وورود الالفة وياسمين المودة ونور الحكمة ورياحين العلوم اللدنية فيا لها من برد تلك الظلال ويا لها من تسنيم ذلك الشمال ويا لها من حسن ذلك الجمال وايضا والذاريات ذرواً اقسم برياح انفاس المشتاقين الى جماله التى تصعد الى الملكوت وتنشر طيب نفحات العشق فى بساتين الجبروت فيطيب بنسيمها اهل الملأ الأعلى وصفائح الادنى { فَٱلْحَامِلاَتِ وِقْراً } سحائب الارواح العارفين التى تحمل اوقار مياه علوم الغيب من بحار الصفات فتمطر على صحارى الصدور فتنبت فيها اشجار الحقائق وانوار الدقائق { فَٱلْجَارِيَاتِ يُسْراً } سنن اسرار الربانيين التى تجرى فى بحر الذات القديم يسوقها شمال العناية ويحرسها من الفناء شرف الكفاية { فَٱلْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً } عقول المتمكنين فى مقام الصدق والاستقامة التى تقسم امور الالهام فى مواضع العبودية لنظام الطريقة والشريعة اقسم الله بهذه العجائب بما فيها من لطائف الغرائب والدلالة على صفاته وذاته ومحبة اوليائيه وقمع اعدائه ان مواعيد وصاله وكشف جماله لصادقة وان ساعات القربات والمداناة لواقعة فهناك ايام المواصلة وهناك ازمان المكاشفة والمشاهدة الى الابد قال الاستاذ فى قوله والذاريات ذرواً ان من حملة الرياح الصحية تحمل انين المشتاقين الى ساعات العزة ثم تاتى بنسيم القربة الى مشام اهل المحبة فيجدون راحة غلبات اللوعة فى السحاب ما يمطر بعتاب الغيبة ويوزن بهواجم النوى والفرقة فاذا عن لهم شئ من ذلك ابصروا ذلك بنور بصائرهم فياخذون فى الابتهال والتضرع فى السوال استعاذة منهم كما قالوا
اقول وقد رايت لها سحابا   من الهجران مقبلة الينا
وقد سحت عن التها ببين   حوالينا الصدود ولا علينا
وقال فى قوله انما توعدون لصادق وعد الله المطيعين بالجنة والتائبين بالرحمة والاولياء بالقربة والعارفين بالوصلة ثم أقسم بسماء قلوب الموحدين التى شمسها العرفان وقمرها الايقان ونجمها الايمان وصفاؤها البيان وسحابها البرهان ومطرها الغفران ورياحها القربان وحبكها لمعان العيان بقوله { وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلْحُبُكِ } قال الاستاذ الاشارة الى سماء التوحيد ذات الزينة بشمس العرفان وقمر المحبة ونجوم القربة.