الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ جَعَلَ ٱللَّهُ ٱلْكَعْبَةَ ٱلْبَيْتَ ٱلْحَرَامَ قِيَٰماً لِّلنَّاسِ وَٱلشَّهْرَ ٱلْحَرَامَ وَٱلْهَدْيَ وَٱلْقَلاَئِدَ ذٰلِكَ لِتَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَأَنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }

قوله تعالى { جَعَلَ ٱللَّهُ ٱلْكَعْبَةَ ٱلْبَيْتَ ٱلْحَرَامَ قِيَاماً لِّلنَّاسِ } ألبس الله الكعبة سناء قدس آياته ونورها بصبح مشارق صفاته من مطالع ذاته وصيرها مرآة حسنه وجماله لنظر نظار معارفه وابصار عشاق كواشف داء عظمته وكبريائه لقيامهم على مشاهدة قربه ومواقف قدسه ليطلبوا منها رؤية براهين هلال صفته ومشارق صنع جلال قدمه وحرم تلك المنازل على الاغيار دون الأخيار ومنع الاغيار عن الدخول فيها مع بقاء نفوسيتهم ليعلموا انها ممنوعة من تناول الكل لهم ليعرفوا عين القدم انه منزه عن خطرة كل حادث جعل الكعبة بيته وجعل بيته قلب العالم ويظهر بجلاله منه لعيون العارفين كما ظهر لموسى عليه السلام من طور سيناء وظهر لعيسى عليه السلام من طور المصيصة وظهر لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم وأمته من الكعبة كقوله عليه الصلاة والسلام " جاء الله من سيناء واستعلن بساعير واشرق من جبال فاران " هكذا جعل قلب العارف كعبة مشاهدته فى حرم صورته وسد بابه من كل طائف غير نظرة فيظهر آثار جلاله من صورهم قال الشبلى الكعبة أمام أعين الناس والحق أمام قلوب أوليائه وقيل البيت الحرام حرام فى مجاورته ارتكاب المخالفات بمحال وقيل حرام على من يراه ان يرى وصفه دون واصفه وقيل { قِيَاماً لِّلنَّاسِ } أي من زل عن قيامه فاعوج بالتدنس بمعصية فاتاه فتعلق به اقامة ببركته اثار الانبياء عليهم السلام والسادة فيه ورده الى حال الاستقامة.