الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ حَلَـٰلاً طَيِّباً وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيۤ أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ } * { لاَ يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱللَّغْوِ فِيۤ أَيْمَانِكُمْ وَلَـٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ ٱلأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَٱحْفَظُوۤاْ أَيْمَانَكُمْ كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا ٱلْخَمْرُ وَٱلْمَيْسِرُ وَٱلأَنصَابُ وَٱلأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ ٱلشَّيْطَانِ فَٱجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } * { إِنَّمَا يُرِيدُ ٱلشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ ٱلْعَدَاوَةَ وَٱلْبَغْضَآءَ فِي ٱلْخَمْرِ وَٱلْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَعَنِ ٱلصَّلاَةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ } * { وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَٱحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ }

الآية الثانية قوله تعالى { وَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ حَلاَلاً طَيِّباً } الحلال ما وصل الى المعارف من خوان الغيب بلا كلفة الانسانية والطيب ما يقوى قلبه في شوق الله وذكر جلاله بالتسرمد قال سهل في قولهلاَ تُحَرِّمُواْ } هو الرفق بالأسباب من غير طلب ولا إشراف نفس وقد يبدأ الرفق بالسبب لأهل المعرفة على الظاهر وهم يأخذونه من المسبب بالحقيقة قال بعضهم رزقه الذى رزقك ما هو من غير حركة منك ولا استشراف وهو الطلب الحلال يحلك محل الدعة ويطيب قلبك يتناوله وقال الاستاذ مما أباحه من الطيبات الاسترواح إلى نسيم القرب فى اوطان الخلوة وتحريم ذلك ان تستبدل تلك الحال بخلطة دون العزلة والعشرة دون الخلوة وذلك هو العدوان العظيم والخسران المبين ذكره فى تفسير قولهلاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ } وقال فى قوله { وَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ حَلاَلاً طَيِّباً } الحلال الصافى أن يأكل ما يأكل على شهوده فإن نزلت الحال عن هذا فعلى ذكره فإن الأكل على الغفلة حرام فى شريعة الارادة ولى فى الحلال والحرام لطيفة وهى ان الحلال الذى يراه العارف فى خزانة القدرة فيأخذ منها بوصف الرضا والتسليم والحرام ما قدر لغيره وهو يجتهد فى طلبه لنفسه لقلة عرفانه بالمحذر فى المقدر وهذا العلم غير موازٍ في العقول وما لم يكن مرضياً في الشريعة لم يكن مرضياً في المعرفة ولما قوى العباد بنسائم لطفه وغذاهم من موائد قربه ورماهم بشهيات نعمه دعاهم بعد ذلك الى طاعته وطاعة رسوله لئلا يسقط عليهم آداب الحضرة وعلامات العبودية وظرافة الخدمة وحذرهم فى كتابه من مخالفته طرفة عين بقوله تعالى { وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَٱحْذَرُواْ } طاعة الله تكون فى رؤية هيبته وطاعة الرسول تكون بحلاوة محبته والحذر اخراج الحدث عن وصف العدم وحبس الارواح فى منازل الاجلال اى استقيموا فى المعاملات واحذروا عن رؤيتها ورؤية اعواضها حتى لا يحتجبوا بها عن مشاهدة المعطى وايضا أي احذروا فى طاعتى من ضمائر الرياء وفى طاعة رسولى عن ضمائر الشك واحذروا عن كراهية نفوسهم فى الطاعة حتى تصلوا مقام الحرقة عن دعوى الانانية فان طاعتى بالاخلاص والمحبة تصير المطيع بصفة الربوبية وهناك موضع الخطر قال عليه السلام " المخلصون على خطر عظيم " ولان هناك يفنى الحدث فى العدم ويظن الفانى ان ضرغام مكر الازل نائم قال تعالىفَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْخَاسِرُونَ } قال الواسطى فى هذه الآية الحذر لا تزول عن العبد وان كان مدرجاً تحت الصفات ولولا ذلك لبسط العلم إلى شرط الجود وقلة المبالاة بالافعال ولكن الاداب فى اقامة الموافقات كلما ازدادت السرائر به علما ازدادت له خشية وايضا قال { أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ } واحذروا ان لا تلاحظوا طاعاتكم فتسقطوا عن درجة الكمال.