الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ }

قوله تعالى { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكُمْ } هذا خطاب اهل المشاهدة اى اذا وصلتم مقام المشاهدة فلا تميتوا قلوبكم بالمجاهدة فإن المجاهدة للنفوس والمشاهدة للقلوب واذا ظهرت المشاهدة للقلوب لا يبقى فيها للنفوس اثر وأعلم بذلك تعالى اهل قربه الذين بلغوا مقام الأنس والبسطان ما يجرى فى قلوبهم من ذكر بدايتهم فى ترك الطيبات من القوت واللباس لا يجوز فى هذه المقامات الرجوع الى البدايات فإن هٰهنا لا يليق مجاهدة النفس بهم لأنهم يذوبون فى روح الانس ونور البقاء وهم فى ذلك عرائس الله يبيح لهم ما لا يبيح للمريدين من أكل الطيبات ولبس الناعمات لبقائهم فى الدنيا ولا يحترقون بواردات الوجد الا ترى ان سبب نزول هذه الآية اجتماع اخبار الصحابة مثل عثمان بن مظعون وأبي بكر الصديق وعلي ابن أبى طالب وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر وابى ذر الغفارى وسالم مولى حذيفة والمقداد بن أسود وسلمان الفارسى ومعقل بن مقرن على تلك النساء والطيب واللحم واختاروا صوم الدهر وقيام الليل والسياحة فى الارض والرهبانية ولبس المنسوج ورفض الدنيا كلها فنهاهم الله ورسوله من ذلك بقوله { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ } وقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم " ان لأنفسكم عليكم حقاً فصوموا وأفطروا وقوموا وناموا فإنى اقوم وانام واصوم وافطر وآكل اللحم والدسم وآتى النساء ومن رغب عن سنتى فليس منى " بين ذلك ان لا يجوز لاهل الحقائق والمشاهدات ان يرجعوا الى مقام البدايات وتصديق هذه المعانى.