الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ ٱلنَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ ٱلْيَهُودَ وَٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّا نَصَارَىٰ ذٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ }

قوله تعالى { ذٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً } وقع اليهود فى سخطه الكبرى حيث اختاروا من يلهمهم العجل بالإلهية بقولهثُمَّ ٱتَّخَذُواْ ٱلْعِجْلَ } وقولهوَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلْعِجْلَ } ثم نزلوا من رتبة الحيوان الى رتبة الجماد بقولهم لموسىٱجْعَلْ لَّنَآ إِلَـٰهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ } ومن علامتهم همة اشار الى رتبة الانسان بقولهمعُزَيْرٌ ٱبْنُ ٱللَّهِ } فلما قطع الله نسبة القدم عن الحدث اشتدت غضبهم على اهل التوحيد وذلك قوله سبحانه { لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ ٱلنَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ ٱلْيَهُودَ } ووقع النصارى فى سخطه الصغرى حيث ارتفعوا بهمتهم فى طلب الإلهية الى عيسى لانه مجمع آيات الله وقعوا فى الخيال عند بروز الصفة عن الآية لقلة ادراكهم الوحدانية لكن بسبب استعدادهم قبول ظهور الآية صاروا اقرب من اليهود الى قبول الاسلام والذى وصفهم الله ههنا بقوله { قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً } انهم بقوا فى النصرانية فى طلب الحق فلما لاح الحق لهم خرجوا مما دون الحق الى الحق وكانوا صديقين فى تجريدهم فى طريق الله حيث وصفهم الله بالقسيسية والرهبانية واذا كانوا فى طلب الله أدركهم الله بنور الاسلام والتوحيد وما أبقاهم فى الشكوك والآراء المختلفة ثم زاد فى وصفهم بالخضوع والإذعان عند بروز البرهان تصديقاً وتعريفاً بقوله تعالى { وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } قال بعضهم جزيات الخدمة اثبت عليهم وان كانوا على طريق المخالفة لكنهم لما اظهروا لزوم الباب بدت عليهم اثارها فى قبول الجزية وتحليل المناكحات والانتساب الى التزهد والرهبانية.