الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ ٱلَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْكُفْرِ مِنَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَـٰذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَٱحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَمْ يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ }

قوله تعالى { وَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً } قطع حبال أطماع الخليقة عن اضافة القدرة القديمة اليهم حيث اراد الفتنة بالمفتتن وفتنته بأن يشغل الطالب بنفسه ويوقعه فى يد نفسه ويغريها الى الشهوات المحجبة القاطعة طريق الحق ويغرس اشجار الهوى فى قلبه ويسقيها من مياه الغفلة حتى حيزت حومان القلب بظلمة الشهوات بحيث لا يدخل فيه نور البرهان والعرفان ثم زاد فى وصفهم وعلق الجميع بإرادته وقال { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَمْ يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ } قال الخواص فى قوله { وَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ فِتْنَتَهُ } من يرد الله افتراق أوقاته لم يملك جمعها له وقال ابن عطاء من يحجبه الله عن فوائد أوقاته لن يقدر أحد ايصاله اليه قال ابو عثمان اى بالمراقبة والمراعاة وقال ابو بكر الوراق طهارة القلب تكمن فى اخراج الحسد والغش منه وحسن الظن بجماعة المسلمين

قوله تعالى { سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ } وصف الله سبحانه اهل السالوس فى هذا الزمان يجلسون فى الزوايا ويظهرون الزهد والتقشف ويطرحون على أعناقهم الطيالسة يسمعون مدائح اهل الدنيا لهم مثلما قالوا ليس فى الدنيا مثلك أنت كذا وكذا وهو يشترى غرورهم وأقاويلهم الباطلة وهم يمدحونه لأهل الشفاعة عند الأتراك وسيلة إلى السلطان ويعطونه رشوة لاستجلاب مرادهم فهو يسمع الكذب ويأكل السحت طهر الله الأرض منهم ووقانا من صحبتهم وسوء افعالهم فانهم مرقوا من الدين واكلوا الدنيا بالدين قال بعضهم سماعون لباطله اكالون للسحت يعنى أكالون بدينهم.