الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ وَٱلنَّصَٰرَىٰ نَحْنُ أَبْنَٰؤُاْ ٱللَّهِ وَأَحِبَّٰؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَللَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ }

قوله تعالى { وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ وَٱلنَّصَارَىٰ نَحْنُ أَبْنَاءُ ٱللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ } سمع كفرة اليهود والنصارى ذكر سباق الحقيقة انهم وصلوا الى ساحات الكبرياء بكشف مشاهدة البقاء وسكروا بوجه القدم وصاروا بنعت الانبساط فى مجالس الأنس فمن سكر المحبة ادعوا القربة ومن سكر الانس وحلاوة الانبساط ادعوا نبوة الاسرار من الانوار حيث ظهرت انوار صفات الازل وسقطت من زنودها انوار اسرار الارواح كما قال الواسطى انا أمن الازل والابد وغلطوا فى الطريق ولم يعرفوا حقائق قول المتقدمين من جهالتهم بمقامات الاولياء والصديقين فرد الله دعواهم الى اعناقهم المنكسرة حين ألزم الحجة عليهم بلسان نبيه عليه السلام بقوله تعلى { قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُم } أنبأنا الله سبحانه ان من بلغ سبل الازل بنعت المعرفة والمحبة خرج من محل الامتحان حيث الاشباح قوله تعالى { بَلْ أَنتُمْ بَشَرٌ } اى انتم ايها المدعون الكاذبون ليس كما تزعمون ما بلغتم تلك المنازل بل بقيتم فى مقام البشرية والنفوسية وهذا مقام من تقدس الله مما سوى الله قوله تعالى { يَغْفِرُ لِمَن يَّشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَّشَآءُ } اى يوصل الى تلك المواقف المقدسة من اهل الولاية من امة محمد صلى الله عليه وآله وسلم من يشاء ولا يبالى بتقصيره ولا يشم رائحتها من يشاء من الاعداء من لا يبالى بطاعته فان طاعته على غير موافقة السنة قيل { يَغْفِرُ لِمَن يَّشَآءُ } فضلاً { وَيُعَذِّبُ مَن يَّشَآءُ } عدلا.