الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يَهْدِي بِهِ ٱللَّهُ مَنِ ٱتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ ٱلسَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُمْ مِّنِ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }

قوله تعالى { يَهْدِي بِهِ ٱللَّهُ مَنِ ٱتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ ٱلسَّلاَمِ } ذكر واحداً منهما من النور والكتاب لانهما فى عين الجمع واحد أعني معدن الصفات والاشارة بقول { يَهْدِي بِهِ ٱللَّهُ } اى يهدى بصفته الى طرق معرفة ذاته ويهدى بذاته إلى سبل معرفة صفاته ورضوانه ما رضى للأنبياء والاولياء فى الازل من إصابه أبصارهم الى محل الرضوان الأكبر وهو آية رعاية حسن تجلاه بنعت العيش فى مراده ولا يحصل المتابعة الا لمن سبق فى الازل رضاه له وايضا يهدى بالقرآن من اتبع محمداً صلى الله عليه وآله وسلم الى سبل السلامة التى توصله المؤمن بالتوحيد الى كشف جماله وحسن وصاله بالعوافى قيل فيه يهدى الله لأسلم المسالك فى سبيل ارادته من خصه برضوانه قيل ايجاده يوصله الرضوان الى محل الرضا والتسليم قوله تعالى { وَيُخْرِجُهُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } اى من أوصله الى سبيل الهدى يظهر أسراره عن خطرات الشك والريب والاعتراضات النفسانية والخطرات الشيطانية فاذا كان مقدسا من هذه الشوائب يكشف له انوار الازليات والابديات وليس كل من وصل الى هذه المراتب وصل الى محل الاستقامة فى المعرفة والتوحيد فيختص به من يشاء من سبق له عناية الازل بوصله الى محل التمكين الذى لا يجرى فيه بعد ذلك احكام التردد والامتحانات الظاهرة قال ابن عطاء يهدى لنوره من رضى عنه فى الازل وخصه بكرامات الولاية وخرجه من ظلمات الاعتراض الى نور الرضا والتسليم.