الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قَالَ ٱللَّهُ هَـٰذَا يَوْمُ يَنفَعُ ٱلصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } * { للَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

قوله تعالى { قَالَ ٱللَّهُ هَـٰذَا يَوْمُ يَنْفَعُ ٱلصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ } وقع صدقهم على رؤية فناء الحدث فى القدم حيث ما ادركوا الحق الا بالعجز عن ادراكه فلما لم يدركوه قبل العجز وبعد العجز الا به اقروا بالجهل عن معرفته وهذا من كمال معرفتهم بربهم وهذا هو الصدق الذى ذكره الله لهم فلا جرم ينفعهم هذا العجز عند بروز طوارق مشاهدة عظمته وكشوف سطوات عزته بان يدركهم فى محل فنائهم ويلبسهم صفة بقائه حتى بقوا مع الحق ابدا بلا حجاب ولا عتاب قال الحسين فى هذه الأية اذا قابل ربه بصدقه وجهل امر ربه وطالب ربه بحظه ووعده يطالبه ربه بصدق صدقه فأفلسه عن رتبته وابعده عما قصده وينفع صدقه من لقبه بالافلاس وايقن انه كان مستعملا تحت حكمه وقضيته قوله تعالى { لَهُمْ جَنَّاتٌ } اى جنات المشاهدات الذاتية التى تجرى تحتها عيون الصفات بنعت تجليها لهم لحظة فلحظة { خَالِدِينَ فِيهَآ } باقين بالاتصاف بها { أَبَداً } بلا انقطاع { رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ } حيث وجدهم متحيرين عن ادراك كنه القدم بعد فنائهم فيه { وَرَضُواْ عَنْهُ } بما وجدوا منه من لذة مشاهدته وحلاوة خطابه وهذا الرضا انسداد أبواب كشوف القدم عليهم وابقاؤهم فيما هم فيه ولو عرفوا قلة حفظهم عن القدم لماتوا جميعا فى الحيرة وكيف رضى عنه من عرفه وكيف سكن عنه وان كان فى مشاهدته من ادركه بنعت التوحيد ولولا فضله ورحمته لفنوا فى قهر سلطان كبريائه ولم يبقوا بعد فبقاؤهم وتخليصهم من فنائهم فيه فبفوز عظيم وظفر كريم ليتمتعوا لوصاله ابدا { للَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } خص ملك الايجاد والابداع بحضرته وازال عمن سواه ملكه.