الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يَوْمَ يَجْمَعُ ٱللَّهُ ٱلرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَآ أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَآ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ ٱلْغُيُوبِ }

قوله تعالى { يَوْمَ يَجْمَعُ ٱللَّهُ ٱلرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَآ أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَآ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ ٱلْغُيُوبِ } ان لله سبحانه أياماً وساعات لظهور جبروته وكشف ملكوته وبروز انوار عزة قدمه وشروق بروق لمعات وحدانية ابديته وخص لها خطاب العظمة وسياسة السلطنة واظهرها لقواطب اهل جلاله ورؤية عظائم قدرته واجراء مشيئته وهناك تفوح مجامر عطر صفاته وتذوع نفحة مسك سبحات ذاته قال سيد اهل الاشارة عليه الصلاة والسلام " ان لربكم فى أيام دهركم لنفحات ألا فتعرضوا لها " فلما اراد كشف الكلي واجراء خطاب الأزلي بجمع اكابر اهل القرب من المرسلين والنبيين والملائكة والمقربين وذلك يوم القيامة يوم العرض الاكبر حيث يتمتع العارفون بجمال الحق وجلاله وقربه ووصاله والقيامة بلد احياء الله هناك يستأنسون به أبداً ويجولون على مراكب النور فى ميادين السر وهناك مقامات ففى مقام لهم بقاء وذلك من بسط الله بساط عطايا المشاهدة وفى مقام لهم فناء وذلك من تراكم عساكر سطوات العظمة حيث يظهر رداء الكبرياء وازار العظمة فى ذلك المقام يضمحل الحدثان وما فيها فى عزة القدم فيفنيهم ساعة بالجلال ويبقيهم ساعة بالجمال ويخاطبهم ساعة بالجمال ويخاطبهم ساعة باللطف وساعة بالقهر لتعرفهم طرائق كشوف الالوهية بنعت المباشرة ومن ذلك الخطاب قولهلِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ } وايضا قوله سبحانه { يَوْمَ يَجْمَعُ ٱللَّهُ ٱلرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَآ أُجِبْتُمْ } عرفهم بخطابه معهم عجز العبودية فى الربوبية وفناء الحدث فى القدم عيانا بعد الخبر خاطبهم بعد احاطته بجميع ذرات الكون وبعد علمه الشامل بجريان الحدثان من الازل الى الابد ومقصوده تعالى منهم إظهار ما أخبره بما جرى على الخلق في كتابه كيف توافق الخبر بالمعانية وهو تعالى منزه من الجهل بشئ من العرش الى الثرى ومعنى قول سيد المرسلين لا علم لنا بما تريده منا وبما تريد منهم ولا علم لنا بما اجريت فى الازل علينا ولا علم لنا بما فى انفسنا فضلاً بما فى نفسك ولا علم لنا الا علما مخلوقا مستفاداً من علمك وتعليمك ايانا واذا بهتوا تاهوا وتحيروا وتلاشوا فى كشف عظمته طاشت اشباحهم وطابت ارواحهم ولم يطيقوا ان يتكلموا بما فى ضمائرهم من صولة الخطاب وايضا استحيوا من إظهار ما اجابهم قومهم عند جلاله وعظمته وايضا اى لا علم لنا فيما وضعت فى اسرارهم فانك تعلم الغيب وذلك قوله { أَنتَ عَلاَّمُ ٱلْغُيُوبِ } قال الواسطى أظهر ما منه اليهم كلهم من تولية فقالوا كيف يقول فعلت الامم أو فعلنا عندها كلت الألسن الا عن العبادة عن الحقيقة وقال خاطبهم لعلمه بانهم يحملون ثقل الخطاب واشد ما ورد على الانبياء فى ثبوتهم حمل الخطاب على المشاهدة لذلك لم يظهروا الجواب ولم ينطقوا بالجواب الا على لسان العجز لا علم لنا مع ما كشفت لنا من جبروتك وقال الجنيد رفق بهم فلم يفقهوا ولو فقهوا وعلموا لماتوا هيبة لورود جواب الخطاب قال ابن عطاء لا علم لنا بسؤالك ولا جواب لنا عنه قال بعضهم لما ظهر عليهم الحق بعلمه وسبقه ثم سألهم جحدوا علومهم ونسوها فى قوله { يَوْمَ يَجْمَعُ ٱللَّهُ ٱلرُّسُلَ } الى قوله { لاَ عِلْمَ لَنَآ } وذلك من اقامة الأدب لا جهلا بما اجابوا قال محمد بن فضل لا علم لنا اى لا علم لنا بجواب ما يصلح لهذا السؤال.