الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِٱلْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ ٱلأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي ٱلصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ ٱللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ }

{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } لله الاسماء الحسنى والنعوت الأعلى ومن جملتها المؤمن فألبس نور هذا الاسم خواصه وزين أسرارهم به فخاطبهم بخاصية اتصافهم باسمه وصفته وهم بنوره ويرونه فساروا بمراكب اسمه ونعته فى ميادين الصفات حتى بلغوا انوار الذات فشاهدوه بوصف اليقين والسكون اى ايها الشاهدون مشاهدتي قال ابن عطاء اى ايها الذين أعطيتهم قلوباً لا تغفل عني ولا تحجب دونى طرفة عين وقال شيخنا وسيدنا ابو عبد الله محمد بن حنيف الايمان تصديق القلوب بما اعلمه الحق من الغيب قال بعضهم يا غيب وأى سر وها تنبيه وإخراج وآمنوا وصف المحبين قال أبو الحسين الفارسى فى قوله { أَوْفُواْ بِٱلْعُقُودِ } امر الله عباده بحفظ السياسة فى المعاملات والرياضات فى المحاسبات والحراسة فى الخطرات والرعاية فى المشاهدات فليس للعبد من هذه الاسباب مهراً ولا له عنه محيص وقال بعضهم { أَوْفُواْ بِٱلْعُقُودِ } القلب بالمعرفة وعقد اللسان بالثناء وعقد الجارح بالخضوع وقال جعفر بن محمد فى قوله { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } اربع خصال نداء وكناية واشارة وشهادة يا نداء وأي خصوص النداء وها كناية والذين اشارة وآمنوا شهادة اشار رضى الله عنه وما فسر واراد والله اعلم ان الياء نداء الازل تقاضى بها وصول المشتاقين إلى الازل بالأزل فخرجت الارواح العاشقة بنداء القدم من العدم وأي خطاب بسط لاهل الخصوص من اهل الانبساط والهاء للغائبين فى جلاله والغائبين فى سطوات عظمته وكبريائه المتحيرين فى دائرة هويته كناهم بوصف الهوية والذين اشارة الى الواقعين بطلب هلال جماله فى سموات عظمته آمنوا وصف قبولهم امانته الازلية وهي المعرفة القائمة بالازلية التى عرضها على السموات والارض والجبال فأبين ان يحملنها قوله تعالى { أَوْفُواْ بِٱلْعُقُودِ } هذا كناية عتاب حيث طلب منهم الوفاء بعهد الازل حين قبلوا امانة المعرفة واقروا بالربوبية فى معاينة المشاهدة عقد مع الارواح العارفة فى الازل بظهور صفاته تعالى لهم ففي كل كشف صفة لها عقد وعهد لاتصافها بها فطارت بوصف الصفات ونورها فى الاشباح بطلب الحق سبحانه الارواح والاشباح بفوائد التخلق والاتصاف بالصفات فى الازل ولذلك قال { أَوْفُواْ بِٱلْعُقُودِ } لان العقود جمع عقد وعهدٍ اخذها الارواح قيل الاشباح فى فضاء الازل قيل اول عقد عليك عقد إجابتك له بالربوبية فلا تخالفه بالرجوع الى سواه والعقد الثانى عقد تحمل الامانة فلا تحقرنها قال الواسطى العقود اذا لم تشهد القصور تلون عليها المقصود قال الجريدى الوفاء متصل بالصفاء قال الاستاذ ناداهم قيل ان ابدلهم وسماهم قبل ان رآهم أهلهم فى آزالة لما اوصلهم اليه فى آباده شرفهم بقوله { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } وكلفهم بقوله { أَوْفُواْ } لما علم ان التكليف يوجب المشقة قدم التشريف بالثناء على التكليف المومجب للفناء قوله تعالى { غَيْرَ مُحِلِّي ٱلصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ } المحرم الذى ذكره الله هو من اكتسى فى إحرام انوار عزته فى حرم مشاهد قربه قد منعه ان لا يصيد فى بيداء العبودية صيود الحظوظ لان صيده هو بنفسه تعالى لا غير ومن كان هو صيده حرم عليه سواه قال الاستاد المحرم متجرد عن نصيب نفسه بقصده اليه فالأليق بصفاته كف الاذى عن كل حيوان وقد هتف هواتف خاطرى بان العاشق اذا لبس احرام العشق حرم عليه ما فيه اثار صنع معشوقه وانوار خصائص الا ترى إلى مجنون بن عامر لما اصطاد ظبيا خلاه عن القيد وأطلقه وانشد

السابقالتالي
2