الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }

قوله تعالى { إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ } افهم أيها العاقل ان الله سبحانه خلق الارواح المقدسة من عالم الملكوت والبسها انوار الجبروت فمواردها من قربه مختلفة لكن عينها واحدة وخلق هياكلها واشباحها من تربة الارض التى اخلصها من جمالها وزينها بنور قدرته ونفخ فيها تلك الارواح وجعل بين الارواح والاجسام والنفوس الامارة التى ليست من قبيل الارواح ولا من قبيل الاجسام وجعلها مخالفة للارواح ومساكنها فارسل الله عليها جند العقول ليدفع بها شرها فاذا امتحن الله عباده المؤمنين هيج نفوسهم الامارة لينظروا حقائق درجاتهم من الايمان والأخرة فامرهم ان يعينوا العقل والروح والقلب على النفس حتى تنهزم لان المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضهم بعضا ثم بين ان فى الاصلاح بين الاخوان الفلاح والنجاة اذا كان مقروناً بالتقوى الذى يقدس بواطن من البغى والحسد بقوله { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } فاذا فهمت ما ذكرت علمت ان حقيقة الاخوة مصدر الاتحاد فانهم كنفس واحدة لان مصادرهم مصدر واحد وهو أدم عليه السّلام ومصدر روح أدم نور الملكوت ومصدر جسمه تربة الجنة فى بعض الاقوال لذلك يصعد الروح الى الملكوت والجسم الى الجنة كما قال عليه الصلاة والسلام " كل شئ يرجع الى اصله " قال ابو بكر النقاش سالنا الجنيد عن الاخ الحقيقى فقال هو انت فى الحقيقة الا انه غيرك فى الهيكل وقال ابو عثمان الحيرى اخوة الدين اثبت من اخوة النسب فان اخوة النسب يقطع بمخالفة الدين وخوة الدين لا تقطع بمخالفة النسب.