الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ لَّيْسَ عَلَى ٱلأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّٰتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَٰرُ وَمَن يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَاباً أَلِيماً }

قوله تعالى { لَّيْسَ عَلَى ٱلأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلأَعْرَجِ حَرَجٌ } ان الله ذكر أقواماً من المحبين والعارفين بالرمز فى هذه الأية ظاهرها مع العموم وباطنها مع الخصوص كما قال عليه الصلاة والسّلام " للقرآن ظهر وبطن وحد ومطلع " ان الاعمى هٰهنا من طمسه سبحات وجهه حين عاين لقلبه وروحه ظهر عماه اذ لا يرى غير الله وعميه الحقيقى ان لا يطيق ان ينظر بطون الازل والغيب وغيب الغيب وهذا سر قوله عليه الصلاة والسّلام فى وصف جمال الحق " حجابه النور لو كشف لاحرقت سبحات وجهه ما انتهى اليه بصره من خلقه " فجعله معذورا ان لا يدرك حق الحقيقة وحقيقة الحق اذ يستحيل ان يحيط الحدث بالقدم وان كان واجبا معرفة الكل من حيث الحقوق لا من حيث التوحيد وايضا هو معذور باستعمال الرخص والدخول فى الرفاهية والاعرج من عرج سره وروحه من السير فى ميادين الازلية والابدية اذ كان عرجا بضرف سيوف الوحدة ووصول اعجاز القهريات اى هو معذور حين جلس على بساط الانس ولم يسر فى ميادين القدس فان هناك طوفان الكبرياء وسطوات العظمة والبقاء وهذا الاعرج معذور اذ لم يات من مقام المشاهدة الى مقام المجاهدة والمريض هو الذى اسقمه محبة مشاهدته وروية جماله فهو معذور اذ باشر الروحانيات مثل السماع واستعمال الطيب والنظر الى المستحسنات فان مداواته تكون ايضا من قبيل العشق والمحبة لان العشق امرضه فايضا يداويه بالعشق كما قيل
تداويت من ليلى بليلى من الهوى   كما يتداوى شارب الخمر بالخمر
فهولاء اهل المشاهدات لا اهل المجاهدات والرسومات قال الاستاذ من كان له عذر فى المجاهدة مع النفس فان الله يحب ان توتى رخصه كما يحب ان توتى عزائمه.