الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا ٱلْمَوْتَ إِلاَّ ٱلْمَوْتَةَ ٱلأُولَىٰ وَوَقَاهُمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ } * { فَضْلاً مِّن رَّبِّكَ ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }

قوله تعالى { لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا ٱلْمَوْتَ إِلاَّ ٱلْمَوْتَةَ ٱلأُولَىٰ } افهم يافهم لو تدرك حقائق امور المعارف لا تتهمنى بالجهل فيما اقول فان الموت الأصلي هو العدم وكيف يموت من اوجده الحق بنور القدم الموتة الاولى هى عدمهم قبل وجودهم فبعد الوجود لا يكون القدم بالحقيقة انما يجرى عليهم اطوار فنون امتحانات الحق كالذهب ساعة فى طين وساعة فى نار وساعة فى بوتقة وساعة فى سوار وساعة فى بياض حتى يعود الى ما خرج من المعدن فاطوار الخليقة الى الابد فى تقلبها بقاء فى بقاء وكيف يفنى بالحقيقة من اوجده الحق من مكمن الغيب الى قضاء ربوبيته فاذا احضرهم فى ساحة كبريائه ويتجلى لهم بالبداهة من عين الجبارية والقهارية يكونون فى محل الفناء وفى فناء الفناء من علنيات سطوات الوهيته فاذا صاروا فانين البسهم الله لباس بقائه فيبقون ببقائه ابد الابدين فاذا الاستثناء وقع على التحقيق لا على التاويل فيا رب موت هناك ويا رب حياة هناك لان الحدث لا يستقيم عند بروز حقائق بواطن القدم الا ترى الى اشارة النبى صلى الله عليه وسلم كيف قال " حجابه النور لو كشفه لاحرقت سبحات وجهه ما انتهى اليه بصره من خلقه " قيل للجنيد اهل الجنة باقون ببقاء الحق فقال لا ولكنهم مبقون ببقاء الحق فالباقى على الحقيقة من لم يزل ولا يزال باقيا ثم بين الله سبحانه ان هذه الكرامات فضلا منه عليهم حيث اختارهم بما فى الازل واخرجها من علل الاكتساب بقوله { فَضْلاً مِّن رَّبِّكَ } اى عطاء واصطفائية لا جزاء للاعمال المعلولة قال الواسطى هو الفضل لا استحقاقاً بعمل العبد وكسبه وحركته.