الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَآءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ } * { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا ٱلْكِتَابُ وَلاَ ٱلإِيمَانُ وَلَـٰكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَآءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { صِرَاطِ ٱللَّهِ ٱلَّذِي لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ أَلاَ إِلَى ٱللَّهِ تَصِيرُ ٱلأُمُورُ }

قوله تعالى { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ } كان لى واقعة فى ابتداء الامر وذلك انى شاهدت الحق بالحق وكاشف لي مشاهدة جماله وخاطبنى من حيث الارواح لا الاشباح فغلب على سكر ذلك وافشيت حالى بلسان السكر فتعرضني واحد من اهل العلم وسالنى كيف تقول ذلك وان الله سبحانه اخبرنا بانه لم يخاطب احدا من الانبياء والرسل الا من وراء حجاب وقال وما كان لبشر ان يكلمه الله إلا وحيا او من وراء حجاب فقلت صدق الله هذا اذا كانوا فى حجاب البشرية فاذا خرجوا بشرط الارواح الى علم الغيب رأوا الملكوت البسهم الله انوار قربه وكحل عيونهم بنور نوره والبس اسماعهم قوة من قوى الربوبية وكشف لهم ستر الغيرة وحجاب المملكة وخاطبهم كفاحا وعيانا ولنبينا صلى الله عليه وسلم اخص خاصية اذ هو مصطفى فى الازل بالمعراج والمشاهدة فاذا صار جسمه روحه ويكون واحداً من كل الوجوه صعد الى الملكوت وراى الحق منزهاً عن ان يحجبه المحل من الحدثان او احتجب بشئ دونه فهو الممتنع بذاته القديم من ان يطالعه الا بعد ان يكشف له جلال ابديته وجمال سرمديته وتصديق ما ذكرنا ما قال الواسطى فى هذه الأية قال اخبر ان اوصاف الخلق على سنن واحد وخص السفير الأعلى والواسطة الادنى بمشافهة الخطاب ومكافحته وقال وما كان لبشر ان يكلمه الله الا وحيا وهو قائم بصفة البشرية حتى ينزع عنه اوصاف البشرية ويحلى بحلية الاختصاص فحٍ يكلم شفاها لقوله تعالى وكذلك اوحينا اليك تفسير قوله سبحانه { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا } أي كما خصصنا الانبياء والرسل بالروحانية والارواح الملكوتية والارواح الجبروتية والارواح الجمالية والارواح الجلالية خصصناك بروح قدسية اوجدتها من جملة الارواح بتجلى قدس قدمي من العدم وفضلناك برؤية القدس والجوهر القدسى المشروح برقوم تجلى جمالي وجلالى المكسوّ بكسوة جميع صفاتى المنور بنور ذاتى وخصصنا روحك المشرفة بهذه الانوار بان احييناها بما اودعتها من روح فعلى وروح صفتى وروح ذاتى وذلك علم الغيب وغيب الغيب وسر الغيب الاول امر الفعل والثانى امر الصفة والثالث امر الذات فاذا صارت جامعة لهذه الخصايص وان جميع الارواح صدرت من نورها وارسلناها الى جسمك المبارك ونفختها فى صورتك كما نفخت فى صورة ابيك فصار أدم العالم فانت انت وأدم العالم من العرش الى الثرى يظهر من مرأة وجودك كما ظهر الكون من جوهرك القدسى الذى هو اقل ما خلقت فمن يرى نورها منك فقدر أني فانك مراتى للعالمين لذلك قال عليه الصلاة والسلام " من رانى فقد راى الحق ومن عرفنى فقد عرف الحق "

السابقالتالي
2