الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَمَنِ ٱنتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِّن سَبِيلٍ }

قوله تعالى { وَلَمَنِ ٱنتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ } اى بعد ظلم الظالم عليه هذا بيان من لطف عدله تعالى الله من ان يجور عدل كما حكم وصرح بخطابه طرفين من العلم بيان شرف الظالم اذ جاوز الامر وجار فى العبودية وبيان ضعف المظلوم وقلة صبره فى البلاء وانخلاعه من شعار الانبياء والصديقين واولى القوة من الرسل واولى العزائم من اهل الاستقامة حيث صبروا فى احتمال الجفاء وغفروا لمن لم يعرف اقدارهم وبذلك وصفهم الله بقوله { وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } وما قال لحبيبه واصبر كما صبر اولو العزم من الرسل والصبر فى البلاء من نعوت اهل الرضا والعفو من شعار اهل الكرم والرضا قال ابن عطا فى قوله ولمن انتصر بعد ظلمه خطاب العوام بالانتصار بعد المظلمة واباح لهم ذلك واختار للنبى صلى الله عليه وسلم الاخص وندب اليه بقوله ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ثم لم يتركه ومخاطبة الندب حتى امره بالافضل وحثه عليه بقوله واصبر قال جعفر صبر على اذائه وعفا عن موذيه ذلك من احكم الامور فى الدين واحمدها عند الله واجلها عند الناس قال ابو سعيد القرشى الصبر على المكاره من علامات الانبياء فمن صبر على مكروه يصيبه ولم يجزع اورثه الله حالة الرضا وهو اجل الأحوال ومن جزع من المصايب وشكا وكله الله الى نفسه لم ينفعه شكواه قال الاستاذ صبر على البلوى من غير شكوى وعفا بالتجاوز عن الخصم فلا يبقى لنفسه عليه دعوى بل يبرئ خصمه من جهته عليه من كل دعوى فى الدنيا والعقبى ان ذلك لمن عزم الامور.