الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَوْ بَسَطَ ٱللَّهُ ٱلرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ وَلَـٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَآءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ } * { وَهُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ ٱلْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ ٱلْوَلِيُّ ٱلْحَمِيدُ }

قوله تعالى { وَلَوْ بَسَطَ ٱللَّهُ ٱلرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ } اراد بالرزق فى الحقيقة والبسط مشاهدته على السرمدية فى هذا العالم للعارفين يشكرون ويشطحون ويعربدون ويخرجون من سكرهم وغلبتهم عن الحدود والاحكام ويدعون بالدعاوى العظام يفسد بهم عقايد العباد ولكن يكشف لهم على ما وافق قوة اسرارهم وثبوت ارواحهم حتى لا يفنوا فى سبحات جلاله وانهم يعطشون إلى بحار جمال مشكاته لأنه خبير عالم بضعفهم عن تحمل اثقال الربوبية يصير بنيانهم وشكوتهم فى خلواتهم حيث ليسألون ان يفنوا فى وجوده وذلك حين ابطا هجوم الواردات عليهم وهم وقعوا فى بحر الياس بقوله { وَهُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ ٱلْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ } اى يكشف لهم انوار جماله بعد ان ايسوا من وجدانها فى مقام القبض وينشر عليهم لطائف بسط القرب لانه وليهم وحبيبهم محمود بلسان افتقارهم ومعاينة اللقاء لهم قال ابن عطا ان الله تعالى يربى عباده بين طمع وياس واذا طمعوا فيه أيسهم بصفاتهم واذا ايسوا اطمعهم بصفاته واذا غلب على العبد القنوط وعلم العبد ذلك واشفق منه اتاه من الله الفرح الا تراه يقول وهو الذى ينزل الغيث من بعد ما قنطوا معناه ينزل غيث رحمته على قلوب اوليائه فينبت فيها التوبة والانابة والمراقبة والرعاية.