الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِيۤ آيَاتِنَا لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَآ أَفَمَن يُلْقَىٰ فِي ٱلنَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِيۤ آمِناً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ ٱعْمَلُواْ مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }

قوله تعالى { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِيۤ آيَاتِنَا لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَآ } خوّف الله اهل الطامات الذين يديرون رؤوسهم عند العليم ويزعقون ويخرّقون ثيابهم ويجلسون فى الزوايا وينزهدون وينظرون فى تصانيف المشايخ ويتقولون عليها ما يتخيلون ويتزخرفون عنه العامة وينتظرون دخول الامراء عليهم ويدعون المكاشفة والاحوال والمواجيد لا يخفى على الله كذبهم وزورهم وبهتانهم ونياتهم الفاسدة وقلوبهم الغافلة وعلى اوليائه من الصديقين والعارفين الذين يرون خفايا قلوب الخلق بنور الله لو رأيتهم كيف يفتضحون يوم القيامة على رؤوس الاشهاد وترى اهل الحق ينظرون الى الحق بابصار نافذة نورية وارواح شائقة وقلوب عاشقة لا يستوى اصحاب النار واصحاب الجنة قال الله { أَفَمَن يُلْقَىٰ فِي ٱلنَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِيۤ آمِناً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } ثم حذرهم بقوله { ٱعْمَلُواْ مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } من الفتاوى بغير علم واستبداع الضلالة فى دين محمد صلى الله عليه وسلم قال الله ولا تتبعوا اهواءهم قد ضلوا من قبل واضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل ووصف النبى صلى الله عليه وسلم لهؤلاء الملحدين وشبههم بالفراعنة وشبّه قلوبهم بقلوب الذياب قال عليه الصلاة والسلام " يخرج فى أمتي اقوام لسانهم لسان الانبياء وقلوبهم كقلوب الفراعنة " وفى موضع أخر قال " قلوبهم كقلوب الذياب يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية افتوا بغير علم واضلوا " قال ابو عبد الله بن جلا معنى هذه الأية ان الذين يخبرون عنا على غير سبيل الحرمة فانه لا يخفى علينا جرأتهم علينا ونعذبهم فى دعائهم وقال ابن عطا فى هذه الأية ان المدعى عن غير حقيقة سيرى منا ما يستحقه من تكذيبه على لسانه وتفضيحه فى احواله.