الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخْتِلاَفاً كَثِيراً }

قوله تعالى { أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْآنَ } القران صفات القدم وهو موصوف به لان كلامه الازلى والقران صفة خاصة ذاتية من جملة صفاته وهو واحد من جميع الصفات لكنه مجمع الصفات كلها فيه الاسماء والنعوت وخبر الصفات واعلام تقديس الذات وهو قائم بذات الله بغير علة الاصوات والحركات والحروف ولو وقع للخلق التفكر والتدبر فيه بنعت المشاهدة والكشف لعلموا انه خارج من صفة الحوادث لانه نعت الازلية ووقعوا فى بحار اسراره وفنوا فى انواره وخرجوا منها جواهر حكم القدمية ورموز السرمدية وحقائق الابدية التى هو خبر جلال الذات وعيون الصفات واسرار الافعال من العرش الى الثرى صفته تجلى فى حروف الوحدانية وتجلى حروف الوحدانية فى حروف القران وكل حرف مملؤ من بحار نكت الالهية من وقف على أسرارها يدهش فى تجلاها ويعرف انها خرجت من القدم وانها ليست من أوصاف اهل العدم لان وصف الله منزه عن الخلل والاتضاد والخلاف واوصاف الخلق متضادة متباينة متغيرة وذلك المعنى موجود فيما بقى من الاية قوله تعالى { وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخْتِلاَفاً كَثِيراً } كلهم مرضى فى دار الدنيا يحتاجون الى مفرج القرآن ولو تدبروا الوجد وكل حرف منه شفاء لعلة فاذا وصل دواؤه داء الخليقة يذهب الامة ويبقى شفاء القرآن ويكون صحيحا بجماله غير سقيم باحتجابه قال تعالى وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين وفى ابناء استفهامه شكاية عن العباد اى افلا تاتون طلاب عرائس جمال الازل الى حجاب القرآن لان فى تحت كل حرف حجلة من نور البهاء وفيها عروس من عرائس جمال الازل يتلو بلسان السر بنعت الترنم حقائق خطاب الحق قال بعضهم لا يتعظون بكرم مواعظه ويتبعون محاسن أوامره قال ابو عثمان المغربى تدبرك فى الخلق تدبر عبرة وتدبرك فى نفسك تدبر موعظة وتدبرك فى القرآن تدبر حقيقة ومكاشفة قال الله تعالى { أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْآنَ } جراك به على تلاوة خطابه ولولا ذلك لكلت الالسن عن تلاوته قال السرى افهم الناس من فهم اسرار القرآن وتدبر فيه وقال سهل تدبر القرأن تفهمه ولا يكون التدبر فيه الا لمن عرف المقاصد فيه ونطق بمعنى الحق.