الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ مَّآ أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ ٱللَّهِ وَمَآ أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً }

قوله تعالى { مَّآ أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ ٱللَّهِ وَمَآ أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ } الحسنة الطاعة والحسنة المحبة والحسنة المعرفة فأشار الى هذه الحسنات انها تفضل منه لا من كسب العبد لانه تعالى واهب هذه المراتب بلا علة ولا شفاعة ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء وهو اهل الفضل والعطاء والسيئة معصية الله وذلك صفة النفس الامارة نزه نفسه تعالى من مباشرة المستقبحات اى كل حسنة ترجع الى مشاهدتى وانا حسنة اوليائى فمن مشاهدتى تصدر حسنات تجلائى وكل سيئة ومعصية فتصدر من نفس الامارة التى خلقتها وما فيها لانها مباشرها وانا خالقها انا منزه عن مباشرة شئ بذاتى قال محمد بن على اجل الحسنات والنعم عليك فى ان عرفك نفسه ووفقك لتشكر نعمه والهمك ذكره وقيل فى قوله ما اصابك من سيئة فمن نفسك باتباع هواها وتركها رضى مولاها وهى من النفس الامارة بالسوء واستدل القدرية بهذه الاية على مذهبهم حيث اضافوا القدرة الى النفس قال صلى الله عليه وسلم: " القدرية مجوس هذه الأمة " لأنهم قالوا با لبزدان والأهرمن ولم نفهم الكفرة والفرقة الضالة أن من لم يقدر ان تخلق ذاتاً فيكف يقدر بان يخلق صفات اولم يفهموا سر القرآن وخطاب الله فان الله سبحانه نسب اتيان السيئة الى غيره لا الى النفس فقال وما أصابك والاصابة فعل الغيرة لا فعل النفس وتبين من فحوى خطابه ان السيئة عنى بها البلاء الذى هو جزاء معصية النفس وإصابة البلاء من الله جزاء لكسب المعصية كما قال ان تمسكم حسنة تسؤهم وان تصبكم سيئة يفرحوا بها فهذه السيئات هى من الاسباب لا من الاكتساب قال الاستاذ ما اصابك من حسنة فمن الله فضلاً وما اصابك من سيئة فمن نفسك كسبا وكلاهما من الله سبحانه خلقا.