الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ ٱلْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَـٰذِهِ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَـٰذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ فَمَالِ هَـٰؤُلاۤءِ ٱلْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً }

قوله تعالى { أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ ٱلْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ } ظاهره تخويف للمخالفين وباطنه ترجية للمشتاقين اى لا تخوفوا ايها المشتاقون الى لقائى فإني آتيكم باحسن ما تظنون بى فاريحكم من سجن الدنيا واوصلكم الى مجلس وصلتى اينما كنتم فانا معكم فإذا حان وقت القربة اسلبكم من ايدى المنايا وموتكم خروج ارواحكم بظهور مشاهدي كحجر المغناطيس حيث يظهر يجذب الحديد اليه وفيه اشارة الى لو طرتم بجناح الروحانية فوق الملكوت ليكون أجسامكم كأرواحكم يدرككم سطوات عظمتى منزل ارواحكم من اجسامكم لان الاجسام الترابية لا تقوم بازاء كشف عظمتى الا بتريتبي اياها فى مواقف العرض الاكبر ومثل هذا الموت يكون فرح المؤمن العارف به وهو بشارة الحبيب له يبشره بوصله وقربته ومن احب لقاء احب الله لقاءه
بشر احبائى ان الموت راحتهم   والموت وصلتهم والموت تقريب
قوله تعالى { قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ } وبخ الله المفلسين الذين سقطوا من عينه وحفظه وكلاءته حتى إذا أتى اليهم راحة اقبلوا الى الله من فرح النفوس ولذة الشهوات لا بنعت المعرفة والمحبة واذا اتاهم محنة اضافوها الى غيره ورجعوا الى الأسباب وخاصموا وظهر منهم ان اقبالهم اليه من رأس النفس ليس من حقيقة ايمانهم بالله فامر صفيه ان قل لهم ان ما تجدون من الأسباب من العرش الى الثرى لا يكون الا من عند الله السبب والمسبب لانه مسبب الاسباب والمسبب ولو كنتم على رؤية التحقيق يرون الاكوان قائمة بالله وزاد فى توبيخهم بقوله تعالى { فَمَا لِهَـٰؤُلاۤءِ ٱلْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً } اى ليس بهم فى قلة ادراكهم انبائى وقلة معرفتهم بوحدانيتى حيث يكونوا ثنويين الا ادراك خذلانى اياهم قال النصرابادى الكل منه ومن عنده ولكن لا تطيب ما منه وما عنده الا بما به وبماله.