الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوۤاْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَٰوةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ ٱلْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ ٱلنَّاسَ كَخَشْيَةِ ٱللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا ٱلْقِتَالَ لَوْلاۤ أَخَّرْتَنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ ٱلدُّنْيَا قَلِيلٌ وَٱلآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ ٱتَّقَىٰ وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً }

قوله تعالى { قُلْ مَتَاعُ ٱلدُّنْيَا قَلِيلٌ } كما ان فى الآية تخويفا لمحب الدنيا وترغيبا لطالب العقبى الذى هو مطيع الله بنعت التقوى وايضاً فيها اشارة الى ان العارف اخذ التوسع والف الرخص بعد احتراق فى المجاهدة والرياضة بنيران المحبة لان لا ينكر عليه احد لم يبلغ الى درجته فان الدنيا باسرها لو كانت ذهباً وجوهراً ومسكا وعنبراً وورداً وريحاناً ونساء ومركباً وثياباً حسنة ومجالس رفيعة قليلة فى جنب ما يحتاجه اليه لانه يريد ان يسلى قلبه فى فراق محبوبه بشئ مستحسن من الحدثان ولا يكفيه حرقته وشوقه جميع المستحسنان من العرش الى الثرى فكيف بشئ قليل من قليل وان الله سبحانه يسلى فواده بقوله { وَٱلآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ ٱتَّقَىٰ } أي لمن يصبر فى مجاهدته وشوقه إليّ من الاستئناس هذه المستحسنات القليلة لان فى الاخرة كشف جمالى له الذى هو راحة لا راحة فوقه كما قال عليه السلام " لا راحة للمؤمن من دون لقاء الله " قال الواسطى هون الدنيا فى أعينهم لئلا يشق عليهم تركها.