الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ ذٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }

قوله تعالى { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْكُمْ } جعل الله تعالى الطاعة على ثلاث مراتب وهى فى الاصل واحد لانه مرجع الكل وكل طاعة منها مخصوصة بمقام من مقام الولاية فاذا كان اهلاً لبساط القربة وفهم خطاب الحق بلا واسطة اطاعه بمراده بلا واسطة واذا لم يبلغ الى تلك الدرجة ولم يفهم حقائق رمز الله يرجع الى بيان نبيه عليه السلام لانه بين غوائص خطاب الله واطاعه فيما امر وذلك طاعة الله بواسطة نبيه وان لم يبلغ الى فهم خطاب النبي صلى الله عليه وسلم واستنباطه اشارته يرجع الى بيان اكابر علماء امته من اصحابه وغيرهم من الاولياء والصديقين والعارفين لانهم بينوا خطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وايضاً هذا طاعة الله بوسيلة اولى الامر والانبياء والملوك فى الدنيا مساقط ظل الله ومن اراد ان يرى بهاء الله وآثار عظمته فلينظر اليهم قال عليه السلام " السلطان ظل الله فى الارض وقال الملك والنبوة توامان ومن التبس بظل الله صار امره امر الله " وهٰهنا أشار عين الجمع وفى الاية اشارة اى اذا بلغتم مقام خطاب الخاص من العلوم المجهولة المشكلة اسلكوا مسلكها بغير الواسطة كالخضر كان متابعاً للعلم اللدنى الخارج عن امر الظاهر مثل قتل الغلام وكسر الالواح وهذا خاص لمن وقع له سهم الغيب ومن بلغ مقام التوحيد ومرتبة الاستقامة لسلك مسلك الانبياء فى مباشرة التوسع والرخص كالانبياء مثل سليمان وداؤد ويوسف ومحمد صلى الله عليه وسلم وهذا منزل الاقتداء ولا يصلح هذا للمتكلفين ومن فتح له باب بيان علم الحقائق يتكلم باصلاح علماء الله فان سلوك مسالكهم لمن له فهم الغيب طاعة معروفة واسوة حقيقية وكل ذكر فهو تفسير قوله تعالى اطيعوا الله واطيعوا الرسول وعن جعفر بن محمد قال اطيعوا الله بالرضا بحكمه واطيعوا الرسول فى المجاهدة فى الوفاء بأمره والسر مع الله والظاهر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال محمد بن على أطع الله فان تم لك ذلك والا فاستعن بطاعة الرسول على طاعة الله فان وصلت الى ذلك والا فاستعن بطاعة الأئمة والمشايخ على طاعة رسول الله ولا يسقط عن هذه الدرجة فتهلك قال الجنيد فى تفسير هذه الآية العبد مبتلى بالامر والنهى ولله فى قلبه اسرار تخطر دائماً فكلما خطر خاطر عرضه على الكتاب فهو طاعة الله فان وجد له شفاء والا عرضه على السنة وهو طاعة الرسول فان وجد له شفاء والا عرضه على سر السلف الصالحين وهو طاعة اولى الامر قال ابو سعيد الخزاز العبودية ثلاثة الوفاء لله بالحقيقة ومتابعة الرسول فى الشريعة والنصيحة لجماعة الامة { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ } اى اذا وقع عليكم حكم من احكام الغيب المتشابه وتظهر فى اسراركم معارضات الامتحان فارجعوا الى خطاب الله ورسوله فان فيها بحار علوم الحقائق فكل خاطر لا يوافق خطاب الله ورسوله فهو مردود ولا تعتبر به واذا اشكل عليكم خطاب الله ورسوله من علم الاشارة فقيسوه بظاهر الكتاب والسنة فان فى الظاهر اعلام الباطن قيل فان اشكل عليكم شئ من أحوال الكبراء والسادة واختلفتم فيها فاعرضوها ذلك على احوال الرسول وردوه اليه فان لم تبين لكم فردوه الى الكتاب المنزل من رب العالمين قال النصرابادى ان علمنا لا يصلح الا لمن له علم الكتاب والسنة وله معاملة واردة ومع ذلك يكون له ظرف ونظافة.