الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـٰؤُلاۤءِ شَهِيداً }

قوله تعالى { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـٰؤُلاۤءِ شَهِيداً } اخبر تعالى عن مقام إجلاله صلى الله عليه وسلم فى مشاهدته تعالى حيث شاهده جمهور الانبياء والصديقين وبين عن عظيم خوفه فى قلوب الجميع ووضع هٰهنا الرغبة والرهبة معاً لأن العارف اذا قرب من البساط يغلب عليه التعظيم والاجلال والرغبة والرجاء لان شهود انوار قربه يقتضى تلك الحالتين اى كيف حالك فى رؤية القدم وانت لا انت وكيف حال هؤلاء عند بروز سطوات عظمتى وهم فى حد الفناء فى رؤية كبريائى وكيف حال الانبياء والصديقين قبلك وقبل امتك فى ميادين عزتى وجلالى اذا كان حالك وحال أمتك بهذه الصفة اى فكيف تشهد الشهداء والمشهودين عليهم حين ابرزت وجهى الكريم كيف تشهدون على الأمة فى وجهى وكشف جمالى وكيف تبقى الامة عند فناء الانبياء أما مقام الرهبة فيها فان الله سبحانه بلا كشف بعض حواشى سرادق كبريائه للانبياء والصديقين وقع عليهم البهتة والتحير والفناء من عظمته وسطو عزته فلا يبقى احد منهم الا ان يكون مضمحلا فى نفسه فخاطب على وجه التعجب اى كيف يقومون بازاء كشف جمالى بنعت الرضا وانتم على شبه السكارى حيارى من حلاوة لذة جمالى وفى الحديث المرويان النبى صلى الله عليه وسلم امر ابن مسعود ببعض قراءة القرآن عنده فقال يا رسول الله انزل عليك القران وانا اقرأ عندك فقال عليه السلام: " انا احب ان اسمعه من غيرى " فقرأ { يا أيها الناس } الى قوله: { فكيف اذا جئنا من كل امة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً } فوضع النبى صلى الله عليه وسلم يده على ابن مسعود فقال: " الى هٰهنا " وبكى بكاء شديداً حتى اضطربت لحياه، وفى رواية انه عليه السلام صاح صيحة عند سماع هذه الآية وبين في وجده عليه السلام هذين المنزلتين وايضا بين شرف نبينا صلى الله عليه وسلم وامته وشرف الانبياء واممهم والا لا يخفى عليه شئ من العرش الى الثرى قال بعضهم وجئنا من كل امة بولى وصديق وجئنا بك مصدقا لولا يتهم او مكذبا لها قال الله تعالى لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا.