الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِٱلْوَٰلِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَٰمَىٰ وَٱلْمَسَٰكِينِ وَٱلْجَارِ ذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْجَارِ ٱلْجُنُبِ وَٱلصَّاحِبِ بِٱلجَنْبِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً }

قوله تعالى { وَٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً } امر بشيئين العبودية والاخلاص فى العبودية ولا تكون العبادة مع الشرك ولا يكون الاخلاص والتوحيد بغير العبادة فطلب التوحيد بنعت افراد القدم عن الحدوث ونفى الانداد والاضداد وطلب العبادة المقرونة بهذا التوحيد ليكون العبادة موافقا للتوحيد ويكون التوحيد موافقا لتنزيه القدم خلق النفس مع حظها وامر العباد بتقديس حظ اليقين عن اليقين وكيف يكون تبديل الخلق وطبع النفس ان يكون مائلا الى غير الله اي اطلبوا مني تقديس الاسرار فى كشوف الانوار فانى قادر على ان أزمها بأزمة الوحدانية واسيرها خاضعة لفردانيتى وايضا اعبدوا الله لله لا على رؤية العوض والعبادة فانهما شرك العارفين واعبدوه على رؤية التقصير فانه عبادة الموحدين وايضا شغلهم منه به ولو أحبهم بالحب البالغ اسكرهم بشراب القرب والمشاهدة واوقعهم فى بحار القدم بعد خروجهم من العدم وهذا آخر الامر فى المحبة والمعرفة الا ترى كيف وقع بالامتحان من اهل الجنة واخبر عنهم بما وجدوا من راجة القرب والمشاهدة بغير نصب الامتحان الذى احلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب قال ابو يزيد ان الله سبحانه نظر فى العالم فلم ير اهلا لمعرفته فشغلهم بعبادته قال ابو عثمان حقيقة العبودية قطع العلائق والشركاء عن شرك وقال الواسطى الشرك رؤية التقصير والعزة من نفسه والملامة عليها يقال له الزمت الملامة من تولى إقامتها ومن قضى عليها الشره وقال بعضهم العبودية فناؤك عن مشاهدتك فى مشاهدة من تعبده قوله تعالى { وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً } الوالدين مشايخ المعرفة واحسان المريدين اليهم بوضع اعناقهم عند ساحاتهم بنعت ترك مخالفتهم فى جميع الانفاس مع نشر فضائلهم عند الخلق والدعاء لهم بمزيد القرب قال الجنيد امرنى ابى أمراً وأمرني السرى امراً فقدمت امر السرى على أمرابى وكل ما وجدت فهو من بركاته قوله { وَبِذِي ٱلْقُرْبَىٰ } اى اخوان المحبة من اهل قربة الله { وَٱلْيَتَامَىٰ } اهل فرقة الله الذين وقعوا فى الفترة وآفة الشهوة واحتجبوا بها عن المشاهدة فاحسانهم ترغيبهم الى طاعة مولاهم وتشويقهم الى مشاهدة سيدهم مع التلطف والظرافة فى دعائهم الى الله ومن مات استاذه قبل بلوغه الى درجة القوم فهو يتيم المعرفة والاحسان اليه لربيته بآداب القوم لئلا ينقطع عن الطريق قوله تعالى { وَٱلْمَسَاكِينِ } اراد به السالكين غير المجذوبين فان المساكين سلكوا طريق المقامات بالمجاهدات واحسانهم كشف اسرار المشاهدات عندهم ليقع اثار المحبة فى قلوبهم فيسكنون عن المجاهدات الظاهرة ويطلبون الحق بالقلوب الحاضرة والاسرار الظاهرة ليصلوا بطرفة عين الى مقام لا يصلون اليه بالف سنة بالمجاهدة والرياضة وايضاً المساكين الذين وقفوا على باب العظمة وتاهوا فى اودية الصفة وتحيروا فى بيداء القدم ولم تجدوا سبيلاً الى مرادهم الكلى لظهور النكرة فى المعرفة والمعرفة فى النكرة فامر الله سبحانه ان يواسيهم بما يفرج عنهم اثقال العظمة بروح القلوب وذلك المجالسة بالسماع مع صوت طيب ورائحة طيبة بين كرام المعارف واشراق الكواشف ليستانسوا بالسماع ساعة كيلا يحترقوا بنيران الكبرياء قال عليه السلام

السابقالتالي
2 3