الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَآ أَنْفَقُواْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ فَٱلصَّٰلِحَٰتُ قَٰنِتَٰتٌ حَٰفِظَٰتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ ٱللَّهُ وَٱلَّٰتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَٱهْجُرُوهُنَّ فِي ٱلْمَضَاجِعِ وَٱضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً }

قوله تعالى { فَٱلصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ ٱللَّهُ } فالصالحات العارفات بالله وبحقوق الله وبامر الله وبعفو الله وبعقوبة الله وبما وجب عليهن من حقوق ازواجهن فى حسن معاشرتهن معهم والنصيحة فى امرهم والقانتات قائمات على باب الله بخلوص نيتهن في عبوديته والشوق إلى لقائه والتواضع في خدمته حافظات للغيب بما حفظ الله أي ساترات على ما كوشف لهن من أحكام العيب وانوار القرب حتى لا يطلع عليهن احد حياء من الله وسترا على حالهم لئلا يخرجن من حدة الوجد وصفاء الرد ومتابعة قول الله سبحانه بما امرهن قال وقرن فى بيوتكن ولما رق زجاجات قلوبهن بنيران الخوف ونور الرجاء ولطف المراقبة وسنا الشهود ورقة الملازمة فى البيوت وشوقهن الى عالم الآخرة علم النبى صلى الله عليه وسلم ذلك منهن وامر الحادي بالسكوت عن انشاد الشعر فقال " يا فلان اياك والقوارير " ولا يكون ذلك إلا بما حفظهن الله من الغلبات والخروج من الحجرات فتولى حفظهن بنفسه يعنى حفظهن انفسهن بحفظى إياهن كما خبر من لطفه تعالى على أم موسى عند غلبات شوقها الى موسى فقال ان كادت لتبدى به لولا ان ربطنا على قلبها وايضا حافظات للغيب اى ما راين من ازواجهن من الكرامات واسرار الله التى انكشفت لهم فلا يقلن عند احد وايضا بما راين من فقرهم ومجاهدتهم وعبادتهم لئلا يفتتنوا برياء الخلق ولا تقعن فى الشكاية عنهم وايضا حافظات لفروجهن وعوراتهن من خوف الله فان خوف الله يمنعهن من هتك الاستار قال بعضهم بحفظ الله لهن صرن حافظات للغيب ولو وكلهن الى انفسهن لهتك ستورهن { فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً } اختلف طينة الاشباح فى التدانى والتباعد وهكذا جوهر الارواح وقت ايجادها فوقعت بينها منازعة لتفاوت الاخلاق والحالات والمقامات قال عليه السلام " الارواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف " من هناك وقعت النشوز والخلاف بين الازواج لتفاوت السجيات فاذا جعل بالممارسة والمجاهدة والرياضة صوره طاعة الرجال فلا ينبغى ان يطلبوا منهن مرافقة الطباع ومجانسة الاشباح والارواح فان ذلك منازع القدر وهذا معنى قوله فلا تبغوا عليهن سبيلا الا تكلفوهن بما لا يكون لهن من تبديل الخلق قال تعالى لا تبديل لخلق الله وقيل لا يبتغوا فيهن المحبة وخلوص النية معكم فان قلوبهن بيد الله ولذلك قال عليه السلام " اللهم هذا قسمى فيما املك ولا تواخذنى بما تملك ولا املك ".