الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُوۤاْ أَمْوَٰلَكُمْ بَيْنَكُمْ بِٱلْبَٰطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَٰرَةً عَن تَرَاضٍ مِّنْكُمْ وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَنْفُسَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً }

قوله تعالى { وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَنْفُسَكُمْ } هذا خطاب اهل الرفاهية والانس والروح والبسط اى لا تقتلوا أنفسكم المطمئنة بالمجاهدات والرياضات ولا تحملوا مشقة الجهل فى العبودية قلوبكم الروحانية ولاتؤذوا ارواحكم القدسية بشروعكم فما يليق بالبداية فان هذه الاشياء تمنع الارواح العاشقة من طيرانها فى عالم المشاهدات وتغم عليها انوار المكاشفات وتصديق ذلك قوله تعالى { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً } اى كان فى الازل رحيما باوليائه فى وضع اثقال العبودية الشاقة عنهم فى مقام مشاهدتهم وروح قلوبهم بالله الا ترى كيف سهل على سيد المرسلين صلوات الله وسلامه عليه امر العبودية بقوله طه ما انزلنا عليك القرأن لتشقى وبين ان قربته ووصله يتعلق برحمته السابقة لابأمانة النفوس وكثرة المجاهدات وايضا لا تقتلوا انفسكم الروحانية الملكوتية بمتابعة هوى النفوس الامارة الشيطانية فان النفس الروحانية تتاذى فى جوار النفس الامارة اذا علت بهواها على النفس الروحانية وأظلمتها بغيم المعصية قال بعضهم لا تهلكوا انفسكم بارتكاب المخالفات واستكثار الطاعات قال محمد بن الفضل لا تقتلوا انفسكم باتباع هواها قال فضيل لا تغفلوا عن حظ انفسكم فمن غفل عن حظ نفسه فكانه قتلها ان الله كان بكم رحيماً ويقال ينظركم إياها وملاحظتكم اليها وقال على بن موسى الرضا عن ابيه عن جعفر رضى الله عنه معناه لا تغفلوا عن انفسكم فان من غفل عن نفسه غفل عن ربه ومن غفل عن ربه قتل نفسه.