الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّمَا ٱلتَّوْبَةُ عَلَى ٱللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسُّوۤءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـٰئِكَ يَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً } * { وَلَيْسَتِ ٱلتَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ ٱلآنَ وَلاَ ٱلَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَـٰئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } * { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ ٱلنِّسَآءَ كَرْهاً وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَآ ءَاتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَٰحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ ٱللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً }

قوله تعالى { إِنَّمَا ٱلتَّوْبَةُ عَلَى ٱللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسُّوۤءَ بِجَهَالَةٍ } ظاهر الاية فى انما التوبة على الله على بمعنى من اى انما التوبة من الله للذين يعملون السوء وعلى لسان القوم الاشارة فيه ان من وقع فى المعصية وقع فى الظلمة والحيرة ولا يرى سبيل الرشد ولم يكن فى وسع البشر ان يهدى نفسه الى طريق الحق فإنه هو الهادى والهداية متعلقة باوصاف قدمه ويستحيل ان يكون الحادث على وصف القديم فاذا على الله لنعته ووصف نفسه بالهادى لانه الهادى ان يرجع الى عبده المتحير الذى زل قدمه فى شهوات طبعه فانه لا يقدر ان يخلص نفسه من قهر الله انما تخليصه شرط كرمه الفياض الذى وصف به نفسه تعالى للمذنبين الذين يقصودون حظوظ البشرية بغير الاختيار قال كتب ربكم على نفسه الرحمة فبقى على بشرط الظاهر بقوله كتب ربكم على انما الرجوع منه الى العبد شرط الرحمة الواسعة التى بها قال سبقت رحمتى غضبى هذا سنة الله على ابينا أدم صلوات الله عليه بعد اكل الحنطة بقوله فتاب عليه انه هو التواب الرحيم وقال ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى وخص توبته ورجوعه للذين يعملون السوء بجهالة اخباراً عن عطفه ولطفه باقوام امتحنهم الله فى بدو الارادة فى بعض حظوظ انفسهم لايقاع نيران الندم والخوف والحياء والاجلال فى قلوبهم لئلا يرفعوا اعناقهم بعد اتصفاهم بنعوت الكبرياء وبلوغهم حقائق الانبساط ومقامات الاتحاد فيسقطوا عن رؤية الازلية ومشاهدة الابدية فى فنائهم عن الحدوث وتخلقهم بخلق القدم واضافة السوء اليهم ونسبتهم الى الجهل اى الذين يعملون سنيات الطاعات على رؤية الاعواض جهلاً بمكره وقلة عرفانهم بعزته وتنزيه جلاله عن طاعة المطيعين ومعاصية العاصين يعملون الطاعات ويرونها انها هى شئ ويتقربون بعلل الحدث الى جناب القدم فاذا صاروا مبصرين جمال مشاهدته استحيوا من ظنونهم بطاعاتهم فى جلال عظمته وذلك قوله { ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُوْلَـٰئِكَ يَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً } بشوقهم الى لقائه { حَكِيماً } بترتبهم فى معرفته وقيل فى قوله للذين يعملون السوء بجهالة الذين يتقربون بالطاعات الى من لا يتقرب اليه الآية وقال محمد بن الفضل ضمن الله التوبة لمن يبدر منه الذنب من غير قص لا صح الى من يضمره ويتاسف على قوته قال الله تعالى انما التوبة على الله الآية قوله تعالى { وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ } اى كونوا فى معاشرتهن فى مقام الانس وروح المحبة وفرح العشق حين انتم مخصوصون بالتمكين والاستقامة فى الولاية فإن معاشرة النساء لا تليق ال بالمستأنس بالله كالنبى صلى الله عليه وسلم وجميع المستأنسين من الأولياء والابدال حيث اخبر صلى الله عليه وسلم عن كمال مقام انسه بالله وروحه بجمال مشاهدته فقال

السابقالتالي
2