الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ لَّن يَسْتَنكِفَ ٱلْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً للَّهِ وَلاَ ٱلْمَلاۤئِكَةُ ٱلْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعاً }

قوله تعالى { لَّن يَسْتَنْكِفَ ٱلْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً للَّهِ وَلاَ ٱلْمَلاۤئِكَةُ ٱلْمُقَرَّبُونَ } اذا اتصف باوصاف الحق حين برزت أنوارها له وباشرت اسرار لطائفها قلبه وروحه وعقله وامتلأ من سنا الألوهية اسراره حين انعقد عقد وجوده كاد الحال ان يسلبه من رؤية العبودية فادركه تاييد الحق حتى راى الحدث محوا فى القدم فلم يدع الربوبية ونطق فى المهد بالعبودية بقولهإِنِّي عَبْدُ ٱللَّهِ } لم يكن كابن الحلاج رحمة الله عليه حين ادعى بالانانية من سكر العشق والمحبة وفنائه فى الازلية واتصافه بالابدية لانه كان فى منزل التلوين بل حاله كان كحال سيد البشر صلاة الله عليه حين عاين الحق بالحق فخرج من بحار الذات بنعت الاتصاف بالصفات ورأى اضمحلال الحدثان فى جمال الرحمن فنطق بالعبودية وقال انا العبد لا إله الا الله وهكذا اهل القدس فى الملكوت تلاشوا فى سبحات عزته وقالوا ما عبدناك حق عبادتك وما عرفناك حق معرفتك وكيف لا يكون ذلك وقهر الجبروت استولى على كل ذرة من العرش الى الثرى وجرها بأزمة العظمة والكبرياء فى تراب ساحات عزته راغمة فى جناب جبروته والالفة من عبادة صانعها مستجبلة لان كونها وتكوينها محض عبادته لانها تكون بداعية القدم من العدم خص ذكر عيسى والملائكة لانهما موضع اشارة الكفرة نسبتهم الى الالوهية ذكر عيسى بالاول وأتم ذكر الملائكة وبين ظاهر الآية تخصيص الملائكة على عيسى والمراد من ذلك انهم سماويون نجباء الحضرة واشباح القدرة لانهم افضل من عيسى واشار بوفق رسوم خواطر الكفرة والا كيف يكون هم افضل من الانبياء والانبياء جلاليون قدسيون والملائكة روحانيون ملكوتيون قيل لا يأنف احد من القيام بالعبودية فكيف يأنف منه وبه يتقرب الى مولاه وقيل كيف يأنف احد من عبودية من يظهر على العبيد اثار صنائع الربوبية كما اظهر على عيسى من احياء الموتى وغيره.