الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ لَّيْسَ بِأَمَـٰنِيِّكُمْ وَلاۤ أَمَانِيِّ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوۤءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً }

قوله تعالى { لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلاۤ أَمَانِيِّ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوۤءًا يُجْزَ بِهِ } حقيقة هذه الاية قطع اسباب الحدث عن جناب القدم وافراد الازل عن الحوادث وان الخليقة للعبودية لا للربوبية اى ما دام انتم فى رق العبودية يجازيكم باعمالكم ليس كما يجرى على خواطر الاولياء ان ما دام بينى وبينهم نسبة المحبة لا اجازيهم باشتغالهم بغيرى ولا احاسبهم بالعثرات والزلات فانى منزه عن ان يدركنى احد بنعت الحقيقة على فحقوقى قائمة على عبادى ابدا وهذا معنى قوله { لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ } الاية لانه وان كان عزيزا على لم يخرج من رق العبودية وانا اجازيه بالسيئة بعد ان أوقعته فيها تربية لا حرمانا واذا مال خاطر العبد العارف الى مراد نفسانى فذلك الخاطر فى حساب المعرفة سوء فيجازيه باستعماله وهذا اشارة قوله { مَن يَعْمَلْ سُوۤءًا يُجْزَ بِهِ } فذلك سوء جزاء سوء الخاطر وسوء الخاطر امتحانه لتربيته ومن لم يعرفه فوجوده كله سوء فمن عرفه غيره فالكل قد وقفوا فيه العالم والجاهل فى مدارك عرفانه فى عين النكرة والنكرة لا تتناهى والعبد فى جميع الانفاس فى جزاء النكرة بعد النكرة وهذا معنى قول النبى صلى الله عليه وسلم حيث قال: " لو ان الله تعالى عذب جميع الملائكة لكان حقا له قيل انهم معصومون قال من قلة معرفتهم بربهم " وهذا الامتحان فى دار الدنيا لتقديس اسرارهم عما دون الله وتخفيف مطايا قلوبهم عن غبار الاوزار فى تلك المراء التى هى مجالس الانس ومحافل الطرب حيث هرب الهرب.