الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ ٱلصَّلَٰوةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُوۤاْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَىٰ لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُمْ مَّرْضَىۤ أَن تَضَعُوۤاْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً }

قوله تعالى { وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ ٱلصَّلاَةَ } بين الله سبحانه ان واجبات العبودية لا تسقط عن العبد ما دام فيه الرمق اما فى الخوف واما فى الامن ومن تاه فى الوجد وهام فى الغلبة فهو مجنون العشق خارج عن مراتب التمكين وذلك علة له حيث ضعف فى الوجد عن حمل وارد الشرع لان سلطان الشرع حق الله وسلطان الوجد حظ العبد وسلطان الله غالب على ما دونه لذلك أمر سيد الرسل والانبياء والاولياء باقامة الصلاة فى مقام الاضطراب والتلوين والامتحان وهو سائح بحر المشاهدة واصحابه فرسان ميادين المحبة وسادات أهل الولاية ولو سقط العبودية عن أهل الوجد لما أمر لسيد الواجدين بأداء الفريضة فى مقام الخوف والاشارة فيه اى اذا كنت بينهم فيكون الصلاة على وفق مراد الله من العباد وايضا اذا كنت فيهم فالصلاة ترجع اليهم واذا غبت عنهم فالصلاة ترجع الينا لانهم فى البداية فى رؤية الوسيلة وفى النهاية فى اسقاط الوسيلة وايضا اذا كنت فيهم اشتغلت بتأديبهم واذا غبت عنهم اشتغلت بنا فالشرع خفى على العباد وخفى لك حجاب لحق مشاهدة الشرع فى مواطن القرب بقوله: " انه ليغان على قلبى " اى شغلى بكم حين قلبى يمنعنى من حظ مشاهدتى من الله وايضا اى اذا كنت فيهم فاقمت لهم الصلاة لانك تدرى ان ساحة كبريائى مقدس عن وقوف المصلين وشريعة بحار قدمى منزهة عن ورد الواردين فالعبودية ترجع الى العباد والربوبية ترجع الى عظمتى وكبريائى وايضا اذا كنت مشغولا بمشاهدة جمال وتسبح فى بحار عظمتى فتضيف عالم الخدمة إليهم فانك غائب بسترك فى عينى وغيب غيبى وجلال مشاهدة ازلى وسقط عنك ما اوجبت على الغير وهذا موضع خاصة عليه الصلاة والسلام الذى قال عليه الصلاة والسلام: " لى مع الله وقت لا يسعنى فيه ملك مقرب ولا نبى مرسل " قال الحسين بن منصور ليس لله مقام ولا شهود فى نادى ولا استهلاك فى حيرة ولا ذهول فى عظمته تقطع عن اداب الشريعة ولا له مقام اوقف فيه الموحدين اشهدهم الشريعة ان جريانها عليهم علما للغير لا لهم ومما يصح هذا قوله { فاذا كنت فيهم فاقمت لهم الصلاة } فجعل اقامته للصلاة أدباً وهو فى الحقيقة فى عين الحصول لا يرجع الى غير الحق فى منصرفاته ولا تشهد سواه فى سعاياته وقال بعضهم ما دمت فيهم فان الصلاة تكون قائمة واذا غبت فالصلاة اتية اليها كما قاللاَ يَأْتُونَ ٱلصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَىٰ }