الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي ٱلأَرْضِ مُرَٰغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ ٱلْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلىَ ٱللَّهِ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }

قوله تعالى { وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي ٱلأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً } اى من هجر من اوطان نفسه الى قضاء ولاية التفريد واتلف مهجته فى طريق محبة الله ولم يبق له مسكن يسكن قلبه فيه من العرش الى الثرى ويجد فى الارض المشرقة بنور وجه الله سبحانه مواطن الانس ومواقف القدس وسعة انوار قربته وسنا وصلته يستغنى به عن كل موطن ومرقد وعن كل مالوف سوى الله وفى ارض القدم وفضاء الازل للعارفين المهاجرين منهم اليه مراغم وطنات الصفات ومشارب سواقى الجلال والجمال فى بحار الذات وسعة كنوز ازل الآزال ومشاهدة آباد الآباد من هاجر لله فى سبيل الله وصار غريب الله فى بلادهم مستوحشا مما دون الله يجد فى اكناف اطراف الارض مراغم صحبة أولياء الله التى هناك سعة انوار مشاهدة الله قال الاستاد من هاجر فى الله بما سوى الله وصح قصده الى الله وجد فسحة فى عقوق الكرم ومقيلا فى ذوى القبول ورحبا وسعة فى كنف القرب قوله تعالى { وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } اى من يخرج من طبيعته وهوى نفسه وحوله وقوته واشاراته وعباراته وعلمه ورسمه الى الله فى طلب مشاهدته والى الرسول فى متابعته بنعت المحبة ويدركه فى تضاعيف السير بعض الامتحان ويقع فى منزل الفتوة بعد المجاهدة وقد وقع اجر الوصلة له لان الله تعالى يجازيه بصدق مقدم الاول قبل ان يهاجر عما دون الله تعالى وقبل ان يخرج عن جميع مراداته وهواه متبعا لاوامر الله وما يواصله الى رضوانه.