الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَٱلأَرْحَامَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }

{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ } اى ايها الناسى عهد الازل وميثاق القدم بشرط وفاء العبودية بعد خطابي ومعرفتى وتعريفى نفسى لكم حيث قلت الست بربكم فاجبتم بقولكم قالوا بلى وايضاً ايها الناسى جمال مشاهدتى حيث أخرجت ارواحكم من العدم بتجلى انوار القدم فبصرتها بمشاهدتى واسمعتها خطاب أزليتى باشتغالكم على حظوظ البشرية ومأمول الطبيعة وايضاً أيها المستأنس بالمستحسنات من الاكوان والحدثان طلباً لمشاهدتى اعلم انها اعظم الحجاب لانها وسيلة حديثة وايصال الى احد الا بى ورؤية الاشياء فى رؤيتى مكر وايضاً أيها المستأنس فى المستوحش من غيرى فلا تغرن بى فانك لى لا لك وايضا اى ايها الناسى انفسكم التى هى مخلوقة من الجهل بى فلا تخافون حيث ادعيتم معرفتى ومعرفتى للقدم لا للحدث وايضا هذا خطاب لبنى آدم اى ايها الذين انتسبتم الى ابن الماء والطين الذى اشتغل عنى بأكل حبة حنطة حتى بكى عليها مائتى سنة ايش تفعلون بعده فى مواقف القربة وتنزل المشاهدة بعد المعرفة فان عذاب الفراق اليم لو تعرفون انفسكم لا تشتغلون بالحدثان فانى اصطفيتكم بمشاهدتى وخطابى من بين البريات ما سمعتم قولى ولقد كرمنا بنى آدم وهذا الخطاب خطاب العتاب للفارقين اوطان المآب الا ترى اذا غضب عظيم على خادمه لم يسم باسمه ويقول انسان ولا يقول يا حسن يا احمد اى انت على محل الجهل بمرادي منك والإشارة فيه ان الله سبحانه عرف امر المعرفة عباده حيث اشتغلوا بسواه كأنه نبههم عن رمدة الغفلات بزواجر هذا الخطاب ويقول ايها الناقضون عهد المعرفة والعشق اما تستحيون منى باشتغالكم بغيري اتقوا من فراقى وعتابى قال بعضهم يا بنى النسيان والجهل وقال ابن عطاء اى كونوا من الناس الذين هم الناس وهم الذين انسوا به واستوحشوا مما سواه وقال جعفر اى كونوا من الناس الذين هم الناس ولا تغفلوا عن الله ممن عرفه انه من الانسان الذى خص خلقته بما خص به كبرت همته عن طلب دنو المنازل وسمت به الرفعة حتى يكون الحق نهايته ثم الى ربك المنتهى وسموا همته مما خص به من الاختصاص من التعريف والالهام وقال بعضهم يا ايها الناس خطاب العام وياعبادي خطاب الخاص وخطاب خاص الخاص يا ايها النبى يا أيها الرسول قوله تعالى { ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ } اى كونوا على تقديس الاسرار عند كشف الانوار وعلى شرط الانفراد فى محبتى عن الأغيار ولا بتغوا اثار الاشرار لتكونوا فى منازل الصدق من الابرار حذرهم من نفسه والاشارة فيه ان من مال سره فى سيره اليه امتنع بعزته عن مطالعة جلاله كقوله ويحذركم الله نفسه وحقيقة التقوى قدس السر عما سواه بنعت الخوف من فراقه فى متابعة هواه قال بعضهم التقوى ترك المخالفات اجمع وقال بعضهم تقوى الله هو الاجتناب من كل شئ سواه وقال الواسطى التقوى على اربع وجوه للعامة تقوى الشرك وللخاص تقوى المعاصى وللخاص من الاولياء تقوى التوسل بالافعال وللأنبياء تقواهم منه إليه.

السابقالتالي
2 3