الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِّن ذِكْرِ ٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ }

قوله تعالى { أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِّن رَّبِّهِ } بين الله سبحانه تفضيل شرايف الصديقين من اهل مشاهدته المنورين بانوار قدسه اوجد ارواحهم فى فضاء ديمومته وميادين ازليته فأبدى لها نور جماله وجلاله فهم منورون بنوره حيث البسهم قموص سنا عظمته وبهاء كبريائه فهذا معنى شرح صدورهم وبعد نشر نور تجليه فى ارواحهم وعقولهم حتى رفع فيها نور العبودية وما بدا من نور اليقين والعرفان والايمان والاسلام فاوّل شرح صدورهم بدو انوار صفاته فيها وآخر انفسها ظهور سنا ذاته فيها فهم على نور منه وبذلك النور يلبسون فيرون الحق بنور الحق ويرون ما دون الحق من العرش الى الثرى بنوره ثم وبخ اضدادهم بقساوة القلوب وتباعد النيات واحتجابهم عن نور ذكره بعد ان قهرهم بخذلانه وحرمهم من نور اسلامه وايمانه وهددهم بعقوبته بقوله { فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ } قسوة قلوبهم من اتباعهم نفوسهم واعراضهم عن قبول طاعة مولاهم ثم بين انهم فى ضلال عن الوصال بقوله { أُوْلَـٰئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } قال بعضهم شرح صدره لمعرفته فهو على نور من ربه فيشهد بذلك النور الغيوب ويكون حاضرا بروحه وسره للاسلام وقال جعفر الصادق وشرح صدور اوليائه لانها موضع خزائنه ومعدن اشارته وبيت امانته ومفتاح البيت عنده وحارسه الله وهو فى كنفه لا يطالعه احد سواه كما قال النبى صلى الله عليه وسلم " ان الله لا ينظر الى صوركم " الحديث وقال الشبلى انارت بالشرح قلوبهم وانطقت بالحكمة السنتهم واكملوا بكمال الاداب ورياضة النفوس فوصلوا بالولاية وسقوا بكاس الصدق وقال النورى استسلم سره بنور القربة وذلك الشرح وقال بعضهم فهو على نور من ربه على يقين من مشاهدة ربه بالغيبوبة عن الملك والملكوت فلم يبق عليه مقام الا سلكه ولا حال الا استوفاه وقال الواسطى منحة عظيمة لا يحتملها احد الا المؤيدون بالعناية والرعاية فان العناية تصون الجوارح والاشباح والرعاية تصون الحقائق والارواح وقال بعضهم عرف اليهم حتى عرفوه وبصرهم حتى ابصروه وذلك حين شرح قلوبهم برؤية الصنع واعمى ابصارهم عن النظر الى سواه فبشرح الصدر عرفوه وبالعمى عن غيره ابصروه وقال يحيى بن معاذ قسوة القلب من اتباع الهوى وقال عقوبة القلب الرين والقسوة وقال الحسين قسوة القلب بالنعم اشد من قسوته بالنسيان والشدة فان بالنعمة يسكر وبالشدة يذكر وانشد فى معناه
قد كنت فى نعمة الهوى بطرا   فادركتنى عقوبة البطر
وقال من هم بشئ مما اباحه العلم تلذذا عوقب بتضييع العمر وقسوة القلب وتعب الهمّ فى الدنيا وقال الاستاذ النور الذى من قبله سبحانه نور اللوائح بنجوم العلم ثم نور اللوامع ببيان الفهم ثم نور المحاضرة بزوايد اليقين ثم نور المكاشفة بتجلى الصفات ثم نور المشاهدة بظهور الذات ثم انوار الصمدية بحقائق التوحيد وعند ذلك فلا وجد ولا قصد ولا قرب ولا بعد كلا بل هو الله الواحد القهار وقال فى قوله فويل للقاسية قلوبهم الصلبة قلوبهم التى لم يفتر عنها خواطر التعريف فبقيت على مكاره الجحد اولئك فى الضلالة الباقية والجهالة الدائمة نعم ما قال المشايخ فى تفسير هذه الأية ولكن حقيقة تفسيرها ما قال النبى صلى الله عليه وسلم حين سئل عن تفسير الشرح المذكور فى القرأن فقال

السابقالتالي
2