الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُواْ حِزْبَهُ لِيَكُونُواْ مِنْ أَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ }

قوله تعالى { إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ } انه عدونا لانه من عالم القهر خلق ونحن من عالم اللطف خلقنا والطبعان يخالفان ابداً لأن القهر واللطف تسابقا فى الازل فسبق اللطف القهر فعداوته من جهة الطبع الاول والجهل بالعصمة وانوار التأييد والنصرة ومن لا يعرفه بما وصفنا كيف يتخذه عدو وهو لا يعرف مكائده ولا يعرف مكائده إلا ولي او صديق قال الواسطى فاتخذوه عدوا بما نصركم عليه واحذروا أن لا يغلبنكم فانه انّما يدعو حزبه وحزبه هم الراكنون الى الدنيا والمحبون لها والمفتخرون بها وقال جعفر الصادق من سمع هذا النداء من الله تعالى وجب عليه بهذا النداء نصب الة العداوة بينه وبين عدوه ولا ينفك من محاربته طرفة عين كلما عارضه بشئ قابله بغيره ان عارضه بزينة الدنيا قابلة بسرعة الفناء وان عارضه بطول الامل قابله بقرب الاجل فهو دائم منتبه مستعد لمحاربته لما يعلم ان الشيطان لا يغفل عنه وانه يراهم من حيث لا يرونه قال سهل فى قوله انما يدعو حزبه اهل البدع والضلالات والاهواء الفاسدة والسامعين ذلك من قائلهم قال الواسطى حذر وسم حزبه ومتابعته وامر بطرده بضياء المبادرة فى المعهود وحفظ الحدود ورعاية الود بطرد الوساوس كما ان بضياء النهار طرد الكلاب من المجالس وانشد
ومن رعى غنما فى الارض سبعة   ونام عنها تولى رعيها الاسد
وما فهمت من هذه الأية ان الله سبحانه اراد ان يعرف عباده من حوادث الشيطان معالم قهرياته وحفظ الاوقات والانفاس من خطراته لا أن الشيطان يغوي المصطفين بالولاية انما يدعو حزبه من اصحاب الضلالات الذين طردهم الله عن بابه وهو يعرفهم وانما هو يدعوهم لا ان الضلالة بيده كما لا يتعلق الهداية بالانبياء.