الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ٱلَّذِيۤ أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ ٱلإِنْسَانِ مِن طِينٍ } * { ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلاَلَةٍ مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ } * { ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ وَٱلأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ }

قوله تعالى { ٱلَّذِيۤ أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ } اوجد الاشياء بامره والبسها نور امره واحسن خلقها بحسن فعله لا يدخل نقص القبح فى افعاله لانه احكمها وركبها ودبرها بعلمه الازلى وجلاله الابدى لا يرجع اليه علة فالقبيح قبيح من جهة الامتحان وحسن من حيث جاءكم امر الرحمن ذكر الحسن فى جميع الاشياء ولم يذكر ها هنا فى الانسان ثم قال { وَبَدَأَ خَلْقَ ٱلإِنْسَانِ مِن طِينٍ } وهم معدن الخصوصية المستعدة لمباشرة صفته بقوله وخلقت بيدى ثم ذكر تسويته بكمال الصفة بقوله { ثُمَّ سَوَّاهُ } سواه بتجلى انوار جميع صفاته حتى صدرت صورة أدم من الغيب منعوتا بانوار الصفات ومتصفا بسناها ثم ذكر اخص الخصائص وهو ما سقط من حسن تجلى ذاته فى صورته بقوله { وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ } حتى يكون بمجموعها مشكاة انوار الذات والصفات ويفيض الحسن من أدم الى العالم لانه المعدن الثاني من الحسن والمعدن الاول من الحسن حسن الازل فأي حسن يبقى فى حسن أدم وذريته ذكر حسن الاشياء ولم يذكر هٰهنا حسنه خيره لانه موضع محبته واختياره الازلية كقوله القائل
وكم ابصرت من حسن ولكن   عليك من الورى وقع اختياري
قال الواسطى فى قوله ونفخت فيه من روحى أي روح اخرته على الارواح هو روح مكنه من صحبته وأثر لقربه وقال ايضا الجسم يستحسن المستحسنات والروح واحدية فردانية لا يستحسن شيئا لسخطه ابدا وقال ابن عطا فى قوله ثم سواه ونفخ فيه من روحه قومه بفنون الأداب ونفخ فيه الروح الخاص الذى فضله على سائر الارواح لما كان له عنده من محل التمكين وما كان فيه من تدبير الخلافة ومشافهة الخطاب قال الاستاذ احسن صورة كل احد فالعرش ياقوته حمراء الملائكة اولو أجنحة مثنى وثلاث ورباع وجبرئيل طاؤس الملائكة والحور العين كما فى الخبر من جمالها وشكلها والجنان كما فى الاخبار ونص القرأن فاذا انتهى الى الانسان قال وخلق الانسان من طين ولكن رضى الله عنهم ورضوا عنه وخلق الانسان من طين ولكن قال فاذكرونى اذكركم.