الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ } * { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ } * { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَلِقَآءِ ٱلآخِرَةِ فَأُوْلَـٰئِكَ فِي ٱلْعَذَابِ مُحْضَرُونَ } * { فَسُبْحَانَ ٱللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ } * { وَلَهُ ٱلْحَمْدُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ }

قوله تعالى { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ } من كان فى الدنيا على حد التفرق فيوم القيامة يرجع اليها ومن كان فى الدنيا على حد الجميع فيكون فى الأخرة جمعا ومن كان مع الله فهو جمع ومن كان مع غير الله فهو متفرقون الى اماكنهم من السعادات والشقاوات والبعاد والقربات فاهل القرب فى مشاهدة الانس والقدس واهل البعاد فى الوحشة والتفرقة قال ابو بكر بن طاهر يتفرق كل الى ما قدر له من محل السعادة ومنزل الشقاوة ومن كان تفرقه الى الجمع كان مجموع السر يتقلب الى محل السعداء ومن كان تفرقه الى فرقة كان متفرق السر ثم لا يالف الحق ابدا فيرجع الى محل اهل الشقاوة ثم فسّر الله سبحانه حال الفريقين بالنعتين المتضادين بقوله { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } وصف اهل الحبور بالايمان والعمل الصالح فاما ايمانهم فشهود ارواحهم مشاهد الازل فى اوائل ظهورها من العدم واما اعمالهم الصالحة فالعشق والمحبة والشوق فاخر درجاتهم فى منازل الوصال الفرح بمشاهدة الله والسر بقربه وطيب العيش بمسامع كلامه او خطابه يطربهم الحق بنفسه ابد الابدين فى روح وصاله وكشف جماله فابتداء احوالهم فى صباح الازل تنزيه القدم وفى مساء الابد قدس البقاء بقوله { فَسُبْحَانَ ٱللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ } اى اذا طلع فى قلوبكم صبح مشرق الازل فكونوا بنعت التنزيه فى طلب عيشكم بالمشاهدة وان تروا جلال ذاته وانوار صفاته فى سربال الأفعال فان هناك مكر الفعل غالب لئلا تقعوا فى التشبيه من غلبة ذوق العشق وكذا كونوا اذا تخفى عليكم الكشوف وياتى عليكم مساء الصحو وهذا النعمة عظمة لا يقوم الحدثان بشكرها فحمد سبحانه نفسه بالسنة كل ذرة من العرش الى الثرى فعلا وصفة بقوله { وَلَهُ ٱلْحَمْدُ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } فهذا وصف تنزيه العارفين في بدوّ سماعهم ومنتهى حالهم فى السماع وهم فى روضة شهود الانس سمعوا بارواحهم القدسية وعقولهم فى الملكوتية سماع الحق من نفسه حيث قال لهم الست بربكم كيلا يقعوا فى بحار الانائية من حدة سكرهم فى المحبة والمشاهدة فيخرجوا عليه بدعوى الربوبية ليس ها هنا مقام هذا المقال انما اردنا شرح مقام السماع فان الله بجوده وجلاله بطيب اوقات عشاقه بكل لسان فى الدنيا وكل صوت حسن فى الأخرة قال الاوزاعى فى تفسير قوله فى روضة يحبرون اذا اخذ فى السماع لم يبق فى الجنة شجرة الا وردت وقال ليس احد من خلق الله عز وجل احسن صوتا من اسرافيل فاذا اخذ فى السماع قطع على سبع سماوات صلواتهم وتسبيحهم وعن ابى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

السابقالتالي
2