الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

قوله تعالى { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ } اى قل ان ادعيتم محبة الله وانتم صادقون فيما ادعيتم فاتبعوني فانى سيد المحبين ورئيس الصديقين ومقدم المرسلين وقدوة المريدين حتى اريكم مغيبات المهلكات وغوامض طريق المنجيات ودقائق احكام المشاهدات واسرار لمعات المداناة وارشدكم الى حسن المعاملات وافضل الطاعات واعلمكم حسن الآداب ونفائس الاخلاق زاد الى المآب لان قد كوشفت باسرار المحبة وانوار القربة وان متابعتي حقيقة شكر محبة المحبوب واذا شكرتم الله بمتابعتى زادكم الله محبته ومعرفته قال تعالى { فاتبعونى يحببكم الله } وقال { لئن شرتم لازيدنكم } وحقيقة المحبة عند العارفين والمحبين احتراق القلب بنيران الشوق وروح الروح بلذة العشق واستغراق الحواس فى بحر الانس وطهارة النفس بمياه القدس ورؤية الحبيب بعين الكل وغمض عين الكل عن الكونين وطيران السر فى غيب الغيب وتخلق المحب بخلق المحبوب وهذا اصل المحبة اما فرع المحبة فهو موافقة المحبوب فى جميع ما يرضاه وتقبل بلائه بنعت الرضا والتسليم فى قضائه وقدره بشرط الوفاء ومتابعة سنة المصطفى صلوات الله وسلامه عليه وأما آداب اهل المحبة الانقطاع عن الشهوات واللذات والمسارعة فى الخيرات والسكون فى الخلوات والمراقبات واستنشاق نفحات الصفات والتواضع فى المناجاة والشروع فى النوافل والعبادات حتى صاروا متصفين بصفات الحق ومنقادين بنوره بين الخلق قال الله تعالى: " لا يزال العبد يتقرب الى بالنوافل حتى كنت له سمعاً وبصراً ولساناً ويداً " وصرف المحبة لا يكون الا بعد ان يرى الروح الناطقة بعين السر مشاهدة الحق بنعت الجمال وحسن القدم لا بنعت الالاء والنعمة لان المحبة اذا كانت من تولد رؤية النعماء تكون محبة معلولة وحقيقة المحبة ما لا علة فيها من المحب والحبيب شئ دون المحبوب وقال ابو عمرو بن عثمان محبة الله هى معرفته ودوام خشيته ودوام اشتغال القلب به ودوام انتصاب القلب بذكره ودوام الانس به وقال محمد بن حنيف رحمه الله المحبة الموافقة لله فى التماس مرضاته وقال بعضهم المحبة هى موافقة القلوب عند بروز لطائف الجمال وقال ابو يزيد احببت الله حتى ابغضت نفسى وابغضت الدنيا حتى احببت طاعة الله وتركت ما دون الله حتى وصلت الى الله واخترت الخالق فاشتغل بخدمتى كل مخلوق وقيل المحبة هى اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم فى اقواله وافعاله واحواله وآدابه الا ما خص به لان الله قرن محبته باتباعه وسئل الانطاكى ما عدمة المحبة قال ان يكون قليل العبادة دائم التفكير كثير الخلوة ظاهر الصمت لا يبصر اذا نظر ولا يسمع اذا نودى ولا يحزن اذا اصيب ولا يفرح اذا اصاب ولا يخشى احداً ولا يرجوه وسئل يحيى بن معاذ عن حقيقة المحبة قال الذى لا يزيد بالبر ولا ينقص بالجفوة وقال جعفر فى قوله { ان كنتم تحبون الله فاتبعونى } قال قيد اسرار الصديقين بمتابعة نبيه صلى الله عليه وسلم لكى تعلموا انهم وان علمت احوالهم وارتفعت مراتبهم لا يقدرون مجاوزته ولا اللحوق به وقال ابن عطاء فى هذه الآية امر بطلب نور الادنى من عمى عن نور الا على واقول لا وصول الى النور الاعلى من لم يستدل عليه بالنور الادنى ومن لم يجعل السبيل الى النور الاعلى والتمسك بآداب صاحب النور الادنى ومتابعتة فقد عمى عن نورين جميعاً والبس ثوب الاغترار قال ابو يعقوب السوسى حقيقة المحبة ان ينسى العبد حظه من ربه وينسى حوائجه اليه قال الواسطى لا يصح المحبة والاعراض على سره اثر وللشواهد فى قلبه خطر بل صحة المحبة نسيان الكل فى استغراق مشاهدة المحبوب وفنائه به عنه وقال ابن منصور حقيقة المحبة قيامك مع محبوبك بخلع اوصافك والاتصاف باتصافه قال الشيخ ابو عبد الرحمن سمعت النصرابادى يقول محبة توجب حقن الدم ومحبة توجب سفكه باشتياق الحب وهو الاجل وروى ابو الدرداء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى قوله { ان كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله } قال

السابقالتالي
2