الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْحَيُّ ٱلْقَيُّومُ } * { نَزَّلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَٰبَ بِٱلْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ } * { مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ ٱلْفُرْقَانَ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ ذُو ٱنْتِقَامٍ }

قوله تعالى: { ٱلْحَيُّ ٱلْقَيُّومُ } الحى الذى لا يقاس حياته ببعد الاوهام ولا يدرك سرمدية ذاته بغوص فطن الانام وايضاً الحى الذى حياته قام بها العالم واستنارت بنورها روح آدم والقيوم الذى يبقى ببقائه اهل الفناء ويغنى بقهر قيوميه اهل البقاء وايضاً القيوم هو القدس عن العلائق وقيامه لخلقه بنعت حفظهم ورحمته عليهم روح الخلائق وقال الاستاذ الحى القيوم الذى لا يلهو فيشغل عنك ولا يشهو فيبقى عنه فهو على عموم احوالك رقيب سرك ان خلوت فهو رقيبك وان توسطت الخلق فهو قريبك وقيل الحى الذى لا اول لحياته والقيوم الذى لا امد لبقائه وقال الكتانى حقيقة الحى الذى به حياة كل حى ومن لم يحى به وهو ميت وقيل القيوم من هو مزيل العلل عن ذاته بالزوال او بالعبادة عنه او بالاشارة فلا يبلغ احد شيئاً من كنه معرفته لانه لا يعلم احد ما هو الا هو قوله تعالى { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ } اى ان الذين حجبوا عن مشاهدة الحق بنعت اليقين فى رؤية شواهد الربوبية { لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ } لهم حرمان وجدان وصول مقامات اهل الهدايات وقال ابو سعيد الحران كفروا باظهار كرامات الله على اوليائه لهم عذاب شديد نفى الحق عن ذلك { وَٱللَّهُ عَزِيزٌ } يعز اولياءه بولايته واظهار الكرامات على من يشاء من عباده { ذُو ٱنْتِقَامٍ } من يجحد ذلك والله عزيز ذو انتقام يعز اولياءه بعز التوحيد وينتقم من اعدائه انكارهم على امنائه بان لا يهديهم الى ما آتاهم من انواع فضله وكرمه قال الواسطى عزيز ذو انتقام عن ان يخالف ارادته احد بل ينتقم بما يجرى عليه ان يكون عقوبته مقابلةإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَخْفَىٰ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِي ٱلسَّمَآءِ } لا يخفى عليه شيء ما في صدور أوليائه في الأرض من لهب الاشتياق ولا مما في قلوب اصفياء ملائكته تحت العرش من ازير نيران الخوف وهذا لتسلية من الله تعالى لأوليائه أنه يعلم أحوالهم في شوقه وانه يجازيهم بمقاساتهم وممارستهم ابتلاءه وايضاً كيف يخفى عليه شئ مما فطر من محدثات الكونين لكن هذا تخويف من الله لأعدائه انذرهم بأنه علم ما في ضمائرهم من دنس الكفر وانه يجازيهم بسوء أعمالهم وقال جعفر لا يطلعن عليك فيرى في قلبك سواه فيمتك وقيل فيه لا يخفى عليه شيء فطالعوا همومكم ان يكون خالية عن الأهواء والشبهات فإنه لا يخفى عليه شيء.