الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ تُولِجُ ٱللَّيْلَ فِي ٱلْنَّهَارِ وَتُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلْلَّيْلِ وَتُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ ٱلَمَيِّتَ مِنَ ٱلْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ }

قوله تعالى { تُولِجُ ٱللَّيْلَ فِي ٱلْنَّهَارِ } تولج دخان البشرية فى سلطان صفاء التوحيد وايضاً تلاشي ظلمة النفوس فى انوار الارواح وايضاً افنى ظلمة الطبائع فى صفاء القلوب وايضاً تحرف سجوف ليالى الهجران بطلوع شموس العرفان وايضاً تخرق حجب الحدوثية عند ظهور سناء قدس الصمدية وايضاً ترفع قوام الملكوت حين تبرز انوار جمال الجبروت { وَتُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلْلَّيْلِ } اى تفنى انوار الاسرار فى اطباق ظلمات الطباع وايضاً اى تسبل حجاب الفناء على وجوه اهل البقاء وايضاً تولج النهار فى الليل حين كسفت شمس المعرفة فى منازل النكرة وغلبت ظلمة الفترة على نور المعاملة { وَتُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ } اى يخرج اشجار انوار المعرفة بكشف جمال المشاهدة من القلوب الميتة بتواتر الفترة وايضا يخرج ارواح القدسية باصوات جرس الوصلة عند غلبات الوجود من الاشباح المضمحلة تحت اثقال سلطان كشف توحيد الوحدانية الى فضاء السرمدية لتحول فى سرادق الكبرياء وخيام الملكوت طلباً لمشاهدة جمال الجبروت وايضاً يخرج العارف العاشق من العامى الغافل وايضاً اى مياه دموع العارفين بنيران الوجد من قلوبهم الخالية عن آثار المشاهدة { وَتُخْرِجُ ٱلَمَيِّتَ مِنَ ٱلْحَيِّ } اى العامى من الولى الحى بالمعرفة ورؤية مشاهدة خالق الخلق جل وعز وايضاً اذا يبست عيون المعرفة فى قلوب العارفين من حرارة امتحان القهر يخرج منها حنظل الشرك مكان سكر التوحيد وعصاه الشك مكان ترخص اليقين واورقت فيها اشجار الغفلة باوراق هموم المذمومة ويبست رياحينها بانقطاع عنها صفاء المعاملة { وَتَرْزُقُ مَن تَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } اى من هذه المقامات المختلفة بغير رؤية ولا تدبير الانسانية وايضاً ترزق العارفين مقام المشاهدات وترزق المشتاقين مقام المكاشفات وترزق المحبين مقام المداناة وترزق الموحدين مقام البقاء والفناء والصحو والسكر والاتحاد وترزق العاشقين مقام الجمع والتفرقة وترزق الاحرار مقام التلوين والتمكين بغير حساب اكثر من ان يحصى عدد اسرارها ويعد حقائق انوارها.