الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ رَّبَّنَآ إِنَّنَآ سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ ٱلأَبْرَارِ }

قوله تعالى { رَّبَّنَآ إِنَّنَآ سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيْمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا } اخبر الله سبحانه بهذه الآية عن احكام توحيد القائمين فى معهد الازل بنعت المشاهدة والفناء فى القدم بعد رجوعهم من الارواح الى الاشباح حيث سمعوا مناداة الحق وخطابه من لسان منادى الحق بشرط الوسائط بعد سماعهم خطابه صرفا اى اننا سمعنا مناداتك بلسان الوسيلة فامنا بشرط المشاهدة قبل مناداة الرسل حيث قلت الست بربكم قالوا بلى فى المشاهدة والحضور بلا حجاب وايضا اننا سمعنا بارواحنا واسرارنا منك فامنا بك بغير علة فاتبعنا ظاهراً وباطنا مناديك وصدقناه بما وجدنا حلاوة اليقين فى قلوبنا ومعنى الايمان تصديق الكل برؤية الكل وسابقة نظر الاسرار الى الانوار وقبول الظاهر بيقين الباطن والشروع فى العبودية بعد كشف الربوبية ومعاينه الغيب بالغيب قال القاسم الايمان انوار الحق اذا اشتملت على السريرة وهو ان يغيب العبد تحت انواره ويبدو له نجم الاحتراق فيغيبه عن وساوس الافتراق فيكون مصحوب الحق فى اوقاته لا يشعر بتسخيره ولا يعلم بحجابه وانما حجب الكل بالكل وحجب كلا بكليته وقمع كلا بحده لئلا يستوى علم احد مع علمه فهذا هو صريح الايمان. قوله تعالى { رَبَّنَا فَٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ ٱلأَبْرَارِ } اى اغفر قصور معرفتنا بك فانه اعظم الذنوب حيث نطلب معرفة القدم بالحدث وكيف يكون مقارنة القديم بالمحدث وكفر عنا سيأتنا اى تجوز بكرمك عن كل خاطر يشير اى غيرك بعدما وجدنا حلاوة وصلتك وتوفنا مع الابرار اى توفنا مع الذين انعمت عليهم بكشف مشاهدتك لهم وايقاع محبتك فى قلوبهم واستشواقك من صميم اسرارهم الى جمالك واكتسائهم بكسوة رضى القديم حتى وقفوا معك بشرط الرضا فى كل بلائك وامتحانك قال الشيخ ابو عبد الرحمن مع من رضيت ظاهرهم للخلق وباطنهم لك وقيل الابرار هم القائمون على حد التفريد والتوحيد وقال سهل الابرار هم المتمسكون بالسنة وقال بعضهم هم الناظرون الى الخلق بعين الحق.