الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ مَّا كَانَ ٱللَّهُ لِيَذَرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَآ أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ ٱلْخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى ٱلْغَيْبِ وَلَكِنَّ ٱللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَآءُ فَآمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ }

قوله تعالى { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى ٱلْغَيْبِ } انَّ لله غيوبا غيب الظاهر وغيب الباطن وغيب الغيب وسر الغيب وغيب السر اما غيب الظاهر فما اخبر الله تعالى عن امر الاخرة ولا يطلع عليها الا من بلغ مقام اليقين وصاحبه خارج عن شواغل النفوس وخطرات الشياطين لكن لم يكن على حد الاستقامة فرؤية الاخرة له تارة لان اليقين خطرات وهذا الخطاب بهذا المعنى خطاب الاضداد واما غيب الباطن فغيب للمقدورات المكتومة عن قلوب الاغيار وذلك الخطاب خطاب اهل الايمان واما غيب الغيب فهو سر الصفات فى الافعال وفى هذا المعنى خطاب المريدين واما سر الغيب فهو نور الذات فى الصفة وهذا الخطاب للمحبين واما غيب السر فهو عينيه القدم التى لا يطلع عليها اسرار الخليقة ابدا واذا كان هذا الغيب المذكور فى قوله تعالى وما كان الله ليطلعكم على الغيب فخطابه مع جميع الانبياء والمرسلين والملئكة المقربين والاصفياء الصديقين العارفين الموحيدن لان الازلية منزهة عن ادراك الخلائق اجمعين وخاصية نبينا صلى الله عليه وسلم فى هذا المعنى رؤية هذه المعانى بنعت الكشف له وابتسام اصباح الازل فى وجهه لا بنعت الاحاطة وادراك الكلية وذلك قوله تعالى { وَلَكِنَّ ٱللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَآءُ } مثل محمد وعيسى وموسى وابراهيم وآدم صلوات الله عليهم اجمعين وذلك مشروح فى قوله تعالى عالم الغيب فلا يظهر على غيبه احدا الا من ارتضى من رسول قيل ما كان الله ليطلعكم على الغيب وانتم تلاحظون اشباحكم وافعالكم واحوالكم وانما يطلع على الغيب من كان امين السر والعلانية موثوق الظاهر والباطن ثم يفتح له من طريق الغيب بقدر امانته ووثاقته الا تراه يقول عالم الغيب فلا يظهر على غيبه احد الا من اترضى من رسول هو الفانى من اوصافه المتصف باوصاف الحق وبين ان بعض الغيب فظهر للنبى صلى الله عليه وسلم بقوله ولكن الله يجتبى من رسله من يشاء يعني محمدا صلى الله عليه وسلم وذلك حكمه بالغيب وحكمه على الغيب بقوله " عشرة من قريش فى الجنة " ومثل ما خبر عن الله سبحانه وعن امر الدنيا والاخرة.