قوله تعالى { ٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ } استجابوا لله بحب مشاهدته والاشتياق الى جماله ولطائف قربه ولذائذ صحبته وللرسول لما عليه من اثار انوار صفاته وفيه اشارة الى مقام الاتحاد حيث الامر واحد وان الله سبحانه وتعالى وصفهم بحسن الارادة فى محبته وطلب جماله ببذل ارواحهم بعد احتمال آلام الامتحان على ابدانهم بقوله { مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ ٱلْقَرْحُ } قال الواسطى استجابوا لله بالوحدانية واجابوا الرسول باتباع اوامره واجتناب نواهيه وقبول الشريعة منه على الراس والعين قوله تعالى { لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَٱتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ } اى للذين بلغوا مقام الاحسان وهو رؤية الله فى مقام الامتحان واتقوا جميع الحجاب بينهم وبينه إحسانهم إلقاء نفوسهم فى بحر رضاه بغير ميلانهم الى حظوظهم وبنعت تقديس قلوبهم عن التردد والخطرات واتقوا من شر نفوسهم وهواجسها عند قبولهم مراد الحق بعد خروجهم عن مرادهم والاجر العظيم الذى وصفه الله بإعداده لهم هو ايصالهم اليه بغير الهجران والعتاب والحساب والحجاب وقيل للذين احسنوا منهم فى اجابة المصطفى صلوات الله عليه واتقوا مخالفته سرا وعلنا اجر عظيم هو البلوغ الى المحل العظيم من مجاورة الحق ومشاهدته قال الاستاذ في هذه الاية استجابة الحق بالتحقيق بوجوده واستجابة الرسول بالتخلق بما شرع من حدوده واستجابة الحق بالصفاء فى حق الربوبية واستجابة الرسول بالوفاء فى اقامة العبودية من بعد ما اصابهم القرح فى ابتداء مقاماتهم قبل ظهور انوار التجلى على قلوبهم وابتسام الحقائق فى اسرارهم للذين احسنوا منهم الاحسان ان تعبد الله كأنك تراه وهو المشاهدة واتقوا فان لم تكن تراه فانه يراك وهو المراقبة فى حال المجاهدة اجر عظيم لاهل البداية مؤجلا ولاهل النهاية معجلا.