الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَٱسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلاَّ ٱللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }

قوله تعالى { وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَٱسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ } هذه الاية اشارة الى قوم اخطاوا فى السماع ومجالستهم مع حظوظ انفسهم وبقايا صفات البشرية فهم حيث جلسوا بغير حضور ولا شهود ولا مراقبة ولا تقديس الاسرار فى طلب الانوار فالفاحشة منهم سماع القول واظهار الوجد مع حظوظ النفس وحظ البشرية والظلم منهم دعوى المعاملات والولايات وهم يعلمون انهم ليسوا على التحقيق فى السماع واظهار الوجد فادركهم الله بفيض رحمته حيث عرفهم فضائح انفسهم عنده ويلقيهم فى رؤية التعيير والعتاب ويضيق صدورهم بتلك الفاحشة والظلم فيذكرون الله بشرط الندم ورؤية التقصير والخجل بين يديه وسقوطهم عن عيون المشايخ فيستغفرون الله من كذب دعواهم بنيه الصدق فى التبرى عن دعوى ما ليس لهم واذا كان الامر كذلك ولم يصروا على ما فعلوه يغفر الله ما سبق منهم بايوائهم الى قربه فإنه مولاهم وصاحبهم لا غير وذلك قوله { وَمَن يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلاَّ ٱللَّهُ } وايضا فيها اشارة الى عشاق الله الذين استغرقوا فى بحار العشق والشوق واحترقوا بلوئح نيران الكبرياء وبغتة سطوات العظمة فيطلبون روح الانس بالاستراحة فى مشاهدة المستحسنات ويرتادون مشاهدة عروس القدم فى مقام الالتباس وعين الجمع الذى فيه روية الحق فى مرآة الخلق وذلك الالتباس فاحشة منهم لانهم فى طلب القدم مع روية الحدث وليس هذا شرط تجريد حقيقة العشق واذا كانوا محترقين بنيران التوحيد والتفريد فى رؤية الازل والابد والقدم والبقاء يطلبون النزول من مقام التوحيد الى مقام العشق وهذا ظلم منهم على انفسهم لانهم نقصوا حظ التوحيد بفرارهم من الفناء فى التوحيد الى بقائهم فى العشق وقوله ذكروا الله اى اذا كانوا مدركين انفسهم فى مقام المكر والاستدراج وفقدانهم اسرار مقام الفناء درجاته يفزعون بالكلية الى كلية الحق جل عن الخواطر والضمائر لان قوله تعالى ذكروا الله لم يقل ذكروا اسمه او نعته أو صفته منه وفعلا منه بل ذكروا الله اى فنوا فى الفرار منه اليه فى صرف الالوهية بروية الذات والصفات يدركهم الحق بانكشاف ما استاثر من نفسه لنفسه او لاهل دنو دنوه الذين بقوا فى الفناء وفنوا فى البقاء لهم خاصيه واصطفائية وايضا فيها اشارة الى اصحاب المواجيد والوقائع والمكاشفات الذين عادتهم السلوك فى المعاملات من الطاعات والرياضات فاذا ورد عليهم وارد وتضيق وقت وظائفهم يرجعون الى اداء الورد وهذا سوء ادب كما سئل الحريرى فى ذلك قال هذا سوء ادب وهذا فاحشة منهم النزول من الربوبية الى المعبودية والظلم تركهم مقام الوصال واختيارهم وسائط الاحوال ذكروا الله بعد تغيير الله اياهم بخلوهم عن الوسيلة ورجوعهم الى المشاهدة والقربة قال الواسطى الطاعات فواحش وما ذكره الواسطى تفسير بلسان الشطح وسئل ابو عبد الله بن جلا عن الظلم فقال متابعة النفس على ما تشتهيها وسئل محمد بن على عن قوله والذين اذا فعلوا فاحشة قال النظر الى الافعال او ظلموا انفسهم برؤية النجاة باعمالهم ذكروا الله لحقهم التوفيق من الله وادركهم العصمة منه فاستغفروا لذنوبهم من أفعالهم واقوالهم ومن يغفر الذنوب الا الله علموا ان لا وصول الى الله الا به وقال الاستاد يقال فاحشة كل احد على حسب حاله ومقامه وكذلك ظلمهم وان خطور المخالفات ببال الاكابر كفعلهم عن الاغيار قال قائلهم

السابقالتالي
2