الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ لَيْسَ لَكَ مِنَ ٱلأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ } * { وَللَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ ٱلرِّبَٰواْ أَضْعَٰفاً مُّضَٰعَفَةً وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } * { وَٱتَّقُواْ ٱلنَّارَ ٱلَّتِيۤ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ }

قوله تعالى { لَيْسَ لَكَ مِنَ ٱلأَمْرِ شَيْءٌ } اراد السيد عليه السلام تقديس حضرة الجلال عن انفاس المجرمين فى قولهم بما لا يليق بجلال الله من الشرك والكفر لئلا يبقى فى ساحة الكبرياء من فى قلبه غير الله غيرةً على جمال وجهه تعالى ومن سوّغه حبه وشدة ارادته لم يطالع امر القدم الذى جرى بالعناية فى حق المستورين من بينهم باستار عوارض الامتحان فغايته الحق اين انت من مشاهدة سبق عنايتى لهم انعم نظرك فى ديوان الازل فانهم سعداننى وليس لك فى هذه الغيرة من امر القدم ومشيئة الازل فى وقتك حين احتجبت بغيرتك على امرهم شئ وان صرفت منك إليَّ رأيت أمر المشيئة وتستغنى من الدعاء عليهم وتصديق ذلك قوله تعالى { أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ } ثم ان الله سبحانه ادب نبيه صلى اله عليه وسلم هٰهنا باحسن الادب بشيئين احدهما انه اهل الكرم والرحمة من العرش الى الثرى حيث وصفه الله بكمال الرحمة بقولهوَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } اى ارحم من حيث انت على امتك ولا تدع عليهم والثانى البسه خلقه تعالى لان من صفته وخلقه الرحمة على الجمهور وأعلمه الأسوة بالانبياء والمرسلين خص منهم ابراهيم وعيسى بقوله فمن تبعنى فانه منى ومن عصانى فانك غفور رحيم وقال عيسى ان تعذبهم فانهم عبادك وان تغفر لهم فانك انت العزيز الحكيم وقال النورى فى قوله ليس لك من الامر شئ ولكن الامر كله اليك فان لك الامر فالامر كله اليك وليس لك منه شئ جل قدرتك ان تلاحظ غير الحق فيما بعد وتعيد قوله تعالى { وَٱتَّقُواْ ٱلنَّارَ ٱلَّتِيۤ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ } فى الآية اشارة عجيبة لطيفة وانها وضوح عيان الحق سبحانه حقائق الاية ان النار لم تعد للمؤمنين ولم تخلق لهم لقوله اعدت للكافرين فاذا كانت للكافرين لم تخلق للمؤمنين لكن خوف المؤمنين بها زجر وعظة كالاب البار المشفق على ولده الذى خوف ولده بالاسد او بالسيف وان لم يضر به بالسيف ولا يلقيه عند الاسد فبقى الامر ان هذه الاية تلطف وشفقة على عباده المؤمنين الصادقين واعجب من ذلك انه تعالى خوفهم بالنار والنار للغير ومقصوده تجلى القهر من عظمته للنار وعظم النار من تجلى عظمته اى اتقونى فى النار لأنى أحرق النار واعذبها بى وهذا سرعين الجمع وقال ابن عطاء امر العام بالقاء النار لخوفهم منها وتركهم المعاصى من اجلها وامر الخاص بان يتقوه وينظروا اليه دون غيره وقال واتقونى يا اولى الالباب اى يا اهل الخصوص.