الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ ٱللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَآءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ ٱلنَّارِ فَأَنقَذَكُمْ مِّنْهَا كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }

قوله تعالى { وَٱعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ ٱللَّهِ جَمِيْعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ } حبل الله الهداية والكفاية والرعاية والعبودية والمعرفة والمحبة والخدمة والادب والحرمة والحشمة والنبى صلى الله عليه وسلم والكتاب والسنة اوجب على الجمهور الاعتصام بهذه الوثائق حتى وصلوا اليه ولا تفرقوا عنه لان من رجع عنه الى رأيه وتدبيره وعقله ومعاملته ومجاهدته وحيلته وفكرته واستدلاله فهو بمعزل عن ظل العناية وكنف الكفاية والاعتصام بالله وبحبل الله من باب المعرفة ارشد طائفة الى نفسه بلا وسائط واغرقهم فى بحار وجوده حتى يلتجئوا من قعر بحر الذات الى سفن الصفات لينقذهم من ظلمات النكرة بأنوار المعرفة وهذا حال خاص الخاص واشهد طائفة على مراتب المقامات والحالات حتى وصلوا اليه بانوار كراماته والطاف نواله وهذا حال اهل الخاص والامر بالاعتصام شفقة على عجز العارفين فى معرفته وادراك حقيقة عظمته وفى مشهد التوحيد الاعتصام للمحبين جهل بعلم القدم وللعارفين مكر وحجاب برسوم المعرفة عن حقائق الاسرار وللموحدين كفر لان حق التوحيد حالان حمود السر عن الارادة عند ارادات الحق وفناء الموحَّد عن الموحَّد في رؤية الموحد لان من التفت عنه بعد شهوده من القدم الى رسم الربوبية والعبودية فهو مشرك فى حقيقة هذا من غرائب شطحياتى وايضا عرفهم مفر الارواح وهو محل الكواشف والمعارف لكى ينطقوا عن المخاصمة فى الاخوة لان من بلغ محل مشاهدة الحق بنعت رؤية الوحدانية اسقط الواسطات وسلم من العداوات هناك حبال الاعتصام التى انعقدت بها رهن المواخاة وتعارفت ارواح العاشقات لان وحشة التفرقة يكون في الغيبة وحقيقة الجمعية يكون فى مشهد المشاهدة قال سهل تمسكوا بعهده وعهده التوحيد وقال ابو يزيد ما لم تفقد نفسك ولا تعتصم بخالقك لايستجاب لك ومتى كنت وسط الامور فالمخلوق لا يهتدى الى الخالق فاذا طرحت عنك كنت معتصما به وقيل الاعتصام اليه هو ميل القلب بالوفاء واداء الفرائض بغير تقصير قال ابن عطا حبل الله متصل بعبده يتوقع منه المزيد والفوائد فى كل وقت وحبله عهدة وكناية فمن اعتصم به وصل سئل الجنيد عن قوله واعتصموا بحبل الله قال قالت المتصوفة هو خصوص وعموم اما قوله اعتصموا بالله معناه اعتصموا بالله عن الاعتصام بحبل الله وقيل اعتصموا بحبل الله اجتمعوا على موافقة الرسول صلى الله عليه وسلم انه الحبل الاوثق ولا تفرقوا عنه ظاهراً وباطناً سراً وعلانية قوله تعالى { وَٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ } بان هداكم الى نفسه بنعت المعرفة والمحبة { إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَآءً } اى اذا كنتم من مشاهدة التوحيد فى حجاب النكرة تحت غمام البشرية عن رؤية القرب والمشاهدة وحين كنتم تحت ذل الكفر بتضييعكم حق الله وحق الاخوة وطلبكم حظوظ انفسكم بترك حظوظ الاخوان سبب كون العداوة بينهم عراهم عن لبسا المعرفة فاذا كسى الله اسرارهم خلع انوار قربه وباشرت قلوبهم حقائق الوصلة راى بعضهم على بعض اثر جمال الحق عشقت ارواحهم بعضها على بعض كما قال تعالى

السابقالتالي
2