الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ آيَاتُ ٱللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِٱللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }

قوله تعالى { وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِٱللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } من اعتصم به منه اهتدى به اليه لانه فى محل المعرفة ومن عرفه يستعيذ برضاه من سخطه وبمعافاته من عقوبته وبه منه وهذا حال سيد الانبياء صلوات الله وسلامه عليه حيث قال فى سجوده اعوذ برضاك من سخطك واعوذ بمعافاتك من عقوبتك واعوذ بك منك لا احصى ثناء عليك انت كما اثنيت على نفسك وكان عليه السلام فى ذلك الوقت فى مشاهدة الجلال والجمال والكمال والقدم والبقاء والجبروت والكبرياء بنعت المعرفة على وجود الحق مستغرقا فى بحار علوم القضاء والقدر ورأى ما راى من عجائب قدرته واطلع على بعض اسرارهم ارادته فخاف به منه اليه وايضاً من اعتصم بالله هداه الله الى معرفة عيوب النفس ودقائق الشيطان واخلاق القلب وشمائل الروح واوصاف العقل وامور المعاملات وحقيقة الحالات وطلب المكاشفات والاطلاع على المشاهدات ولمة الملائكة وعلوم الالهام والفراسات ويكون بهذه الخصال فى مقام التمكين وهو امثل طرق المستقيم وايضا الاعتصام انجذام القلب عن الاسباب والارباب والتبرى الى الله تعالى من الحول والقوة ومن قطع حبل الطلب عن الخلق ارتفع قتام البين بينه وبين الحق والاعتصام قبل المعرفة محال والمعرفة قبل المشاهدة محال ومن شاهد الله تعالى بنعت المعرفة يعتصم به فى جميع مراده وقال ابن عطاء من افتقر الى الله من جميع ما سوى الله فقد فتح له الطريق الى الحج وهو قوام الطرق الى الحج وهو قوام الطرق وقال جعفر في هذه الآية من عرفه استغنى به عن جميع الانام قال الواسطى من يعتصم بالله للأئمة وللعامة اعتصموا بحبل الله وقال أيضاً الاعتصام به منه ومن زعم انه يعتصم به من غيره فهو وهن فى الربوبية وقال ايضا فى قوله ومن يعتصم بالله هل شاهدت مشاهدتك شيئاً تفزع منك اليه وهل فزعت الا الى نفسك لاعتصام ترى نفسك فى ظله وكنفه وحسن قيام نظره لك فى يده فان الحقيق قسم الاعتصام والتصديق يوجب الاعتصام وقبل الاعتصام واللجاء بطرح الحول والقوة والسكون للامر والهد وتحت مراد الله وقيل الاعتصام للمحجوبين ولاهل الحقائق ورفع الاعتصام لانهم فى القبضة قال ابو بكر الوراق علامة الاعتصام ثلاثة قطع القلب عن معونة المخلوقين وصرفه بالكلية الى رب العالمين وانتظار الفرج من الله وقال جعفر من افتقر الى الله عن جميع ما سواه وليس فى سره سوى الله فقد هدى الى صراط مستقيم قال ابو سعيد الخراز من آمن به لا يهان ومن اعتصم به لا يهزم وقال لا يمكن رد النفس الى الصلاح الا بالحكمة والعلم والجهد والتضرع واصله الاعتصام بالله وقال الاستاذ بما اعتصم بالله منه وجد العصمة من الله تعالى فاما من لم يهده الله فمتى يعتصم بالله عز وجل والهداية من فى البداية توجب الاعتصام به فى النهاية لا الاعتصام منك يوجب الهداية واهل الاعتصام اربعة المحب والعاشق والعارف والموحد اما اعتصام المحب فطرح نفسه على باب الحبيب عجزاً وتضرعا لطلب الوصول اليه وهذا نعت العاجز فى متعب الفراق المحترق في نيران الاشواق فاذا اعتصم بالحق على وصف غليان الحب والهيمان فى الشوق فهداه الله الى مشاهدة جماله وحسن عطفه وافضاله كما قال عليه الصلاة والسلام

السابقالتالي
2