الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قَالَتْ إِنَّ ٱلْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُواْ قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوۤاْ أَعِزَّةَ أَهْلِهَآ أَذِلَّةً وَكَذٰلِكَ يَفْعَلُونَ }

قوله تعالى { إِنَّ ٱلْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُواْ قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا } لما وجدت فى الكتاب تلك الكرامات عرفت عظم شان سليمان وجلاله ما عليه من انوار الحسن والجمال فمال قلبها الى العشق والمحبة فارادت ان لا يكون مخذولة حين دخل فى بلدها سليمان ولا يتاذى بنفسه فى محبته فان العاشق لا يريد ايذاء معشوقه ومن اشارة المعرفة اذا دخل سلطان الوجد والمحبة والمعرفة والمشاهدة فى قلوب العارفين انار ما دون الله من العرش الى الثرى ولا يبقى فيها الا نوراً بلا ظلمة وصفاءً بلا كدورة وجمعا بلا تفرقة وذكراً بلا فترة وعشقا بلا شهوة وصدقا بلا غفلة ويقينا بلا شك واخلاصاً بلا رياء ويصير اوصاف النفس الامارة محمودة وصارت ابواب القلوب على الشياطين مسدودة ويكون الروح مشاهدة الحق بلا حجاب قال جعفر الصادق اشارات قلوب المؤمنين ان المعرفة اذا دخلت القلوب زال عنها الامانى والمرادات اجمع فلا يكون للقلب محل بغير الله قال ابن عطا اذا ظهر سلطان الحق فى تعظيمه فى القلب تلاشى الغفلات واستولى عليها الهيبة والاجلال ولا يبقى فيه تعظيم شئ سوى الحق فلا يشتغل جوارحه الا بطاعته ولسان الا بذكره وقلبه الا بالاقبال عليه وسئل ابو يزيد عن نعت العارف فقال ان الملوك اذا ادخلوا قرية افسدوها قال الواسطى فى قوله افسدوها الى عطلوها عما سواه وجعلوا اعزة اهلها اذلة كل ما كان أعزني عينه وقلبه صار ذليلا طريدا عن قلبه وحق لهم ذلك وقد غيبهم الحال عن كل وارد فى الحال فاسرارهم عن سرهم نافذة وامكانهم غايبة لان الحق لاحظهم بعناية القدرة واشتمال التولى والنصرة فحمل عنهم من اثقال هداية وولاية.